"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المستمر على القطاع - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كتب محمد الجمل:

 

يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بصورة أكثر شمولية وعنفاً، وتتصاعد حدة المجازر والجرائم الإسرائيلية، في وقت يشتد فيه الحصار، ويتصاعد استهداف المدنيين خاصة المُجوعين.
"الأيام" تنقل مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المُتواصل على القطاع، منها مشهد بعنوان "الرافعات.. أداة القتل الأكثر خطورة"، ومشهد آخر يرصد تناقصاً مستمراً لكميات الكهرباء القليلة في القطاع، ومشهد ثالث يوثق المخاوف من انتشار الأوبئة على نطاق أخطر في القطاع.

 

الرافعات.. أداة القتل الأكثر خطورة

لم يترك جيش الاحتلال أي وسيلة أو سلاح إلا واستخدمه ضد سكان القطاع خلال حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 20 شهراً، وبات الاحتلال يستخدم "الأبراج المُتنقلة"، أو ما يطلق عليه "رافعات"، وهي عبارة عن رافعات شاهقة الارتفاع، منها ما يتم تثبيته في بعض المواقع، ومنها ما هو مُتنقل على شاحنات، يتم تثبيت رشاشات، وبنادق قنص أعلاها، خاصة خلال عمليات التوغل البري أو حتى في أماكن التمركز في محاور غزة، ومن خلالها يتم رصد تحركات المواطنين وإطلاق النار عليهم، ما تسبب في تساقط أعداد من الشهداء والجرحى بشكل صامت من دون سماع أصوات إطلاق نار أو معرفة مصدر الإطلاق.
ويقول المواطن محمد المصري، ويتردد باستمرار على مركز توزيع المساعدات الأميركية الواقع شمال غربي مدينة رفح: إن الرافعات التي جرى نصبها حول المركز باتت من أخطر ما يواجههم، وهي تُنفذ ما بات يُعرف بـ"القتل الصامت"، إذ يتساقط القتلى والجرحى برصاصها، دون سماع أصوات إطلاق النار، أو حتى معرفة المصدر.
وأكد أن المُجوعين عادة ما يركزون أنظارهم على الدبابات والآليات العسكرية التي يتم نشرها في محيط المركز، ولا يلتفتون للرافعات، التي يظنون أنها بعيدة، لكنها تكون الأخطر، والأكثر قدرة على إصابتهم والفتك بهم.
بينما يقول المواطن شريف عودة: إنه وبينما كان يسير باتجاه نقطة مساعدات الشركة الأميركية، شعر بصوت رصاص ينطلق فوق رأسه، وحين ارتمى أرضاً أصابت رصاص مقدمة القبعة التي كان يرتديها على رأسه، حينها أدرك أن الرافعة البعيدة تطلق النار عليه وغيره من المواطنين، فسارع بالزحف واحتمى بتلة صغيرة، وقد نجا من الموت، لكن شاباً بجانبه استشهد، وآخر أصيب في بطنه.
وأوضح أن غالبية الشهداء والجرحى في محيط مراكز التوزيع يسقطون بسبب الرافعات، ويبدو أن الاحتلال طوّر الأسلحة التي وضعها عليها، لتقتل وتُصيب الناس من مسافات بعيدة.
وتقوم آلية عمل الرافعة على نصبها بارتفاع شاهق يصل إلى أكثر من 50 متراً، وتثبت عليها كاميرا مراقبة ورشاش آلي، وفي بعض الأحيان يعتلي جندي الرافعة ويتحصن في غرفة صغيرة، ويتم التحكم بها من خلال الإعدادات الخاصة بها داخل الشاحنة المثبتة عليها، حيث باتت تلك الرافعات تقلق المواطنين، لا سيما من يتواجدون في محيط مناطق توغل الدبابات، عدا السكان القريبين من محور نتساريم وسط القطاع، حيث ينشر الاحتلال الرافعات بشكل دائم على طول هذه المناطق لرصد حركة تنقل المواطنين، ويزداد خطر هذه الرافعات في مناطق توزيع المساعدات الأميركية، حيث جرى نصب المزيد منها في الآونة الأخيرة.

 

الكهرباء مورد يتقلص

مع تجاوز الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها العشرين، والتي تم قطع جميع مصادر الكهرباء في بدايتها، باتت الكهرباء المتوفرة في القطاع تعتمد على أنظمة الطاقة الشمسية وبعض المولدات المتوفرة.
لكن مع تشديد للحصار على القطاع، تقلصت كميات الكهرباء المحدودة أصلاً، بعد منع توريد الوقود، وتهالك أنظمة الطاقة الشمسية، خاصة البطاريات، والأجهزة الذكية التي تقوم على تشغيل تلك الأنظمة.
وباتت الكهرباء مورداً شحيحاً ومحدوداً في غزة، ويبذل غالبية المواطنين جهوداً كبيرة من أجل شحن هواتفهم النقالة، أو ما تبقى لهم من بطاريات.
ويقول المواطن بسام عمر: إنه كان في السابق يشحن هاتفه النقال بسهولة كبيرة، حيث تنتشر نقاط الشحن في كل مكان، سواء تلك التي تعمل عبر أنظمة الطاقة الشمسية، أو من خلال مولدات يتم تشغيلها، والشحن كان مقابل 1 شيكل، لكن مع مرور الوقت باتت الأمور تزيد صعوبة، وتقلص عدد نقاط الشحن، ما جعل مهمة الشحن أكثر صعوبة، وأسعار الشحن أعلى.
بينما أكد المواطن محمود الزاملي أنه كان يمتلك نقطة شحن، حيث استطاع نقل نظام طاقة شمسية من منزله في رفح إلى خيمته في مواصي خان يونس، وهو مكون من 4 خلايا شمسية، وجهاز "إنفيرتر"، وبطاريتين بسعة تخزين 200 أمبير لكل منهما، لكن مع الوقت بدأت البطاريات تتلف، لكنه تغلب على الأمر من خلال تجديدهما لدى أحد المختصين، لكن بعد فترة تعطل الجهاز، وقام بإصلاحه بدفع مبلغ 1500 شيكل، لكنه تعطل مرة أخرى، فقام بشبك الألواح بطريقة مباشرة، ويقوم بشحن هواتفه وهواتف عائلته فقط، نظراً لأن هذه الطريقة غير صحيحة، وقد تتسبب بتعطل شواحن الهواتف.
وأوضح الزاملي أن المخيم الذي يُقيم فيه كان النازحون فيه يعتمدون على مصدر الكهرباء الذي يوفره نظامه الشمسي، لكن الناس فقدوا هذا المصدر، وهذا الأمر ينسحب على الكثير من المناطق، فطول المدة، ومنع إدخال أنظمة الطاقة الشمسية وقطع غيارها أديا إلى تعطل الكثير منها، ومقارنة بأيام الحرب الأولى، فقد القطاع أكثر من نصف كميات الطاقة المتوفرة، رغم محدوديتها.
يذكر أن قطاع غزة فقد جميع مصادر الكهرباء التي كانت متوفرة، بعد توقف محطة التوليد، وقطع الكهرباء الإسرائيلية، وباتت أنظمة الطاقة الشمسية والمولدات مصدر الطاقة الوحيد، وها هو هذا المصدر يتقلص تدريجياً.

 

مخاوف من انتشار الأوبئة

حذر أطباء، وجهات مختصة، من وجود مخاطر فعلية وحقيقية بانتشار أوبئة وأمراض خطيرة في قطاع غزة، بعد الانهيار المتواصل لقطاعات الخدمات، والتلوث الكبير في محيط وداخل مخيمات النازحين المُكدسة بالمواطنين.
وحذر مدير الإغاثة الطبية في شمال قطاع غزة، محمد أبو عفش، من وجود مخاوف متزايدة من تفشي أمراض خطيرة مثل الكوليرا، في ظل الانهيار الكامل للنظام الصحي، موضحاً أنه تم تسجيل وجود مواد سامة في التربة، نتيجة استخدام الاحتلال أسلحة محرّمة دولياً.
وأكد أبو عفش أن آلاف المواطنين، خاصة الأطفال، يعانون من موجة أمراض واسعة بسبب الاكتظاظ الشديد في مراكز الإيواء، وانتشار البعوض، وارتفاع درجات الحرارة، إلى جانب شحّ المياه النظيفة.
وأوضح أبو عفش أن انهيار النظام الطبي يتزامن مع استمرار منع سلطات الاحتلال إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية إلى القطاع منذ أكثر من 100 يوم.
بينما أكد أطباء يعملون في عدة مشافٍ ميدانية وحكومية أن هناك الآلاف من الأطفال المصابين بالجفاف الحاد الذي يؤدي إلى الفشل الكلوي في بعض الحالات، فيما تفاقم عدد حالات الإصابة بالإسهال الحاد إلى 4 أضعاف العدد المعتاد.
وسبق وحذر باحثون أكاديميون في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، في تقرير صدر في وقت سابق، من مدى تفاقم الآثار الصحية غير المباشرة للصراع، موضحين أنه "ومع مرور الوقت، تتزايد فرصة إدخال مسببات الأمراض التي قد تؤدي إلى انتشار الأوبئة.. ومن بين عوامل الخطر الاكتظاظ وعدم كفاية المياه والصرف الصحي".
وأكدت عدة بلديات وجهات خدماتية أن النزوح القسري، وتكدس المخيمات، تسببا في تراكم النفايات بمستويات غير مسبوقة، وارتفاع كبير في الطلب على المياه، ما جعل الوضع في غاية الصعوبة، خاصة في ظل الإمكانيات المحدودة والطواقم المرهقة بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر.
وحذرت بلدية خان يونس من الكارثة البيئية والصحية الناجمة عن توقف إمداد الوقود اللازم لتشغيل مرافق ومضخات المياه والصرف الصحي وآليات تقديم الخدمات وذلك منذ عدة أيام، جراء منع الاحتلال إدخال الوقود للجهات والمؤسسات الأممية العاملة في قطاع غزة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق