24 يونيو 2025, 10:57 صباحاً
شهد منطقة الشرق الأوسط تصعيداً جديداً اليوم (الثلاثاء)، عندما أمر وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس، جيشه بشن ضربات على طهران، رداً على ما وصفه "بانتهاك إيراني لوقف إطلاق النار" الذي أعلنه الرئيس دونالد ترامب قبل ساعات قليلة، وتلقي هذه التطورات بظلال من الشك على الهدنة الهشة التي كان من المفترض أن تضع حداً لاثني عشر يوماً من الصراع المباشر بين إسرائيل وإيران، الذي أسفر عن خسائر بشرية ومادية في كلا الجانبين، وبينما نفت طهران نفياً قاطعاً إطلاق أي صواريخ باتجاه إسرائيل، فإن الأحداث الأخيرة تعيد الأجواء المتوترة إلى المنطقة، وتهدد بإشعال جبهات جديدة.
اتهام صريح
وفي بيان مقتضب، أكد الوزير كاتس على أن قراره بشن عمليات عسكرية "عالية الشدة" ضد "أصول النظام والبنية التحتية للإرهاب في طهران" جاء في ضوء "الانتهاك الصارخ لوقف إطلاق النار الذي أعلنه دونالد ترامب"، الذي كان قد نشر في وقت سابق على منصة "تروث سوشال" تغريدة حاسمة نصها: "وقف إطلاق النار ساري المفعول الآن. من فضلكم لا تنتهكوه!"، وكانت كل من إسرائيل وإيران قد أكدتا التزامهما بالهدنة فور إعلان ترامب، ما جعل التصريحات الإسرائيلية الأخيرة بمثابة مفاجأة تضع علامات استفهام كبرى حول استدامة هذه الهدنة، وفقًا لـ"رويترز".
وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن بلاده حققت الأهداف المرجوة من الهجوم المفاجئ الذي شنته في 13 يونيو، والذي كان يهدف إلى "تدمير برنامج إيران النووي وقدراتها الصاروخية"، وأعرب نتنياهو عن شكره لدونالد ترامب والولايات المتحدة على "دعمهم في الدفاع ومشاركتهم في القضاء على التهديد النووي الإيراني"، وعلى الجانب الآخر، أكد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أن قواته أجبرت إسرائيل على "قبول الهزيمة من جانب واحد وقبول وقف إطلاق النار"، مشدداً على أن القوات الإيرانية "ستبقي أيديها على الزناد" للرد على "أي عمل عدواني من جانب العدو".
تبادل نيران
وقبل سريان الهدنة، كانت التقارير تشير إلى سقوط أربعة قتلى في مدينة بئر السبع جنوب إسرائيل جراء ضربات صاروخية، وفقاً لما ذكرته خدمة الإسعاف الإسرائيلية، وفي المقابل، أفاد مسؤولون إيرانيون بمقتل تسعة أشخاص، من بينهم عالم نووي، في ضربة استهدفت مبنى سكنياً شمال إيران، وهذه التطورات تسلط الضوء على شراسة المواجهات التي سبقت الهدنة، وتؤكد على حجم الخسائر التي تكبدها الطرفان.
وعلى الرغم من التهديدات المبكرة لوقف إطلاق النار، سادت حالة من الارتياح في المنطقة والعالم لإمكانية وضع حد لهذه المواجهة المباشرة الأكبر على الإطلاق بين الخصمين اللدودين، فقد شهدت أسواق الأسهم العالمية ارتفاعاً ملحوظاً، بينما تراجعت أسعار النفط بشكل حاد بعد إعلان الهدنة، وسط آمال بأن يمهد ذلك لحل للصراع الذي اشتد قبل يومين، عندما ضربت الولايات المتحدة مواقع نووية إيرانية بقنابل ضخمة خارقة للتحصينات. يعكس هذا الارتياح العالمي المخاوف الكبيرة من اتساع نطاق الصراع وتأثيره على الاستقرار الإقليمي والدولي.
جهود وساطة
وكشف مسؤول رفيع في البيت الأبيض أن دونالد ترامب توسط في اتفاق وقف إطلاق النار من خلال مكالمة مع نتنياهو، حيث وافقت إسرائيل بشرط ألا تشن إيران المزيد من الهجمات، وقد هنأ ترامب كلا البلدين على "صبرهما وشجاعتهما وذكائهما لإنهاء ما يجب أن يسمى 'حرب الأيام الـ 12'"، كما أشارت تقارير إلى أن رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قد ساهم في تأمين موافقة طهران خلال مكالمة مع مسؤولين إيرانيين، فيما كان نائب الرئيس الأمريكي، جيه.دي. فانس، ووزير الخارجية، ماركو روبيو، والمبعوث الأمريكي الخاص، ستيف ويتكوف، على اتصال مباشر وغير مباشر مع الإيرانيين.
وفي رد فعل على المشاركة الأمريكية في الغارات الجوية، أطلقت إيران صواريخ أمس على أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، الواقعة في قطر، ولم تسفر تلك الضربة عن أي إصابات، ما يشير إلى أن رد إيران كان محسوباً للسماح بتهدئة التصعيد لاحقاً، وقد شكر ترامب طهران على تحذير الولايات المتحدة مسبقاً لتجنب الإصابات، واصفاً الضربة بأنها "رد ضعيف جداً، وهو ما توقعناه، وقد تصدينا له بفعالية كبيرة"، وهذا التبادل الدقيق للضربات، والجهود الدبلوماسية المكثفة، تثير تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين هذه القوى، وهل يمكن أن تصمد هذه الهدنة أمام التحديات المقبلة؟
0 تعليق