يديعوت أحرونوت: آن أوان وقف الحرب وتفادي ثمن تاريخي - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دعت صحيفة يديعوت أحرونوت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى اتخاذ القرار الصعب واغتنام الفرصة التي وفرتها الضربة الأميركية الأخيرة ضد منشآت نووية وعسكرية في إيران بالانخراط في تسوية سياسية تقود إلى وقف إطلاق النار.

جاء ذلك في مقال نشرته الصحيفة لمحللها العسكري الإسرائيلي البارز ناحوم برنياع، أكد فيه أن التدخل الأميركي المباشر شكل "نقطة تحوّل تاريخية في الشرق الأوسط"، وافتتح مرحلة قد تكون نادرة من نوعها.

وقال برنياع إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "ألقى بفيض من الرقائق في أيدي إسرائيل.. حان الوقت الآن لأخذ المال وقطع الاتصال"، وذلك في إشارة إلى المكاسب التي تحققت من الهجوم الأميركي المفاجئ، والذي مهّد له سلاح الجو الإسرائيلي عبر سلسلة ضربات سبقت القصف الأميركي.

وعبر المحلل العسكري عن موقفه بشكل قاطع، ووجه كلامه مباشرة إلى نتنياهو، قائلا: "قل شكرا لرئيس الولايات المتحدة، لن ننسى أبدا ما فعلته من أجلنا. أنت الأعظم على الإطلاق.. من فضلك، قم بإجبار إيران على وقف إطلاق النار. ليس في غضون أسبوعين، وليس في شهر، إنما الآن".

ورغم أن برنياع لم يبين كيف سيتمكن ترامب من إجبار إيران على وقف إطلاق النار، إلا أنه برر هذا المطلب بأن إسرائيل وصلت إلى نقطة تنخفض فيها الإنجازات وتزيد الأثمان المدفوعة، والتعقيدات التي يمكن أن تترتب على استمرار الحرب. كما لفت إلى الخسائر في المباني التي تدمر بالصواريخ الإيرانية، والطائرات الإسرائيلية التي يتم إسقاطها، فضلا عن تسبب الحرب بارتفاع أسعار النفط.

وفي محاولة لتأكيد الاستنتاج الذي توصل له، أكد المحلل العسكري أن دعوته لا تنطلق من مشاعر رغبوية أو تهويمات سياسية، وإنما من تحليل واقعي لتوازن الربح والخسارة. وقال: "وصلنا إلى نقطة تتناقص فيها إنتاجية الإنجازات، ويرتفع فيها الثمن المحتمل".

إعلان

وأضاف أن "الجيش الٍإسرائيلي مرهق إلى أقصى حد، وهناك فرصة حقيقية لتغيير مكانة إسرائيل في الشرق الأوسط" إذا قام رئيس الوزراء الإسرائيلي باتخاذ الخطوة الصحيحة بالدفع باتجاه التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار والتوصل لاتفاق نووي جديد بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإيران.

إنجازات.. لكن الثمن باهظ

وتوقف برنياع عند ما وصفها بـ"النجاحات المبهرة" التي حققتها إسرائيل خلال الأسبوع الأول من الحملة على إيران، والتي كان أبرزها اغتيال عدد كبير من العلماء والخبراء العسكريين الإيرانيين، ممن كانوا في مواقع متقدمة بمجال تطوير الأسلحة والمشاريع النووية.

وأضاف أن هؤلاء العلماء لا يجب النظر إليهم كأشخاص يعملون في مختبرات فقط، بل كقادة مشاريع ومهندسين ذوي تأثير مباشر على قرارات القيادة الإيرانية، بمن فيهم المرشد الأعلى نفسه. واعتبر أن "القضاء عليهم يخلق فراغا لسنوات"، مشيرا إلى أن نظاما مثل النظام الإيراني، الذي يقوم على الولاء الشخصي، سيجد صعوبة في إيجاد بدائل لهم.

ومن بين المكاسب الأخرى، تحدث برنياع عن "السيطرة الجوية الإسرائيلية الكاملة على غرب إيران"، والتي مهدت الطريق للهجوم الأميركي. وأكد أن الطائرات الأميركية ما كانت لتدخل أجواء إيران لو لم تكن محمية بغطاء جوي إسرائيلي فعال، على حد زعمه.

مع ذلك، حذّر المحلل العسكري من أن مواصلة الحرب قد تؤدي إلى خسائر فادحة، مدللا على مشاهد الخراب التي شاهدها بنفسه في تل أبيب نتيجة الهجمات الصاروخية الإيرانية الأخيرة. وقال إن "الثمن لا يُقاس بعدد القتلى فقط، بل بالخسائر النفسية والمادية والضرر التراكمي للزمن المهدور".

يعرف الحروب.. ولا يعرف كيف يخرج منها

وبنبرة نقدية، أشار برنياع إلى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية التصعيد مع إيران، بدءا من محاولاته لإفشال الاتفاق النووي مع إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وصولا إلى الضغط على الرئيس ترامب في ولايته الأولى للانسحاب من الاتفاق دون خطة بديلة.

غير أنه عاد ليقول -مثله في ذلك مثل معظم الكتاب والمحللين الذين أمطروا نتنياهو في السابق بالانتقادات بسبب موقفه في غزة- إنه "رغم أخطائه، هو من قاد إسرائيل إلى هذه اللحظة"، وإنه كان صاحب التأثير الحاسم على ترامب لدفعه إلى اتخاذ القرار بشن الهجوم، رغم أن الرئيس الأميركي كان قد وعد بعدم التورط في حروب خلال ولايته الحالية.

وأضاف: "لكن من المشكوك فيه أن يعرف نتنياهو كيف يُخرج إسرائيل من إيران، كما لم يعرف كيف ينهي الحرب في غزة. واليوم، لا يوجد أحد في حكومته أو محيطه الشخصي قادر على مساعدته. الرجل الوحيد القادر على ذلك هو ترامب".

ويصف المحلل العسكري التدخل الأميركي الأخير بأنه سابقة مثيرة، ليس فقط بسبب نتائجه العسكرية، بل أيضا بسبب مضمونه السياسي. فهذه المرة، لم تكتف واشنطن بمساعدة إسرائيل في الدفاع، بل هاجمت فعليا أهدافا إيرانية عسكرية حساسة.

ورأى أن هذه الخطوة تبعث برسالة "صادمة" لدول المنطقة، مفادها أن "الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام قوتها ضد أعداء إسرائيل نيابة عنها"، وهو ما يمكن أن يعزز مكانة إسرائيل الإقليمية، ويؤسس لنظام ردع جديد ضد إيران وحلفائها.

إعلان

غير أنه يسلط الضوء على زاوية مقلقة لإسرائيل، ويقول إن هذه الرسالة لها وجه آخر يتمثل في انعكاساتها المحتملة على الرأي العام الأميركي وعلى مكانة الجالية اليهودية في الولايات المتحدة. وقال: "إذا غاصت أميركا في مستنقع إيران، فسيُلقى باللوم على إسرائيل، بل وعلى كل يهودي يدعمها. لقد حدث شيء مشابه لهذا بعد حرب العراق".

سيناريوهات الحرب

ينقل برنياع تقديرات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية حول 4 سيناريوهات محتملة للرد الإيراني على الضربة الأميركية، وهي:

رد شامل ضد القواعد الأميركية في الخليج، يتزامن مع هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل. وهذا سيفتح الباب أمام رد أميركي "ساحق". تدويل الصراع، عبر إغلاق مضيق هرمز وتشجيع الحوثيين على إغلاق باب المندب، مما قد يدفع العالم بأسره إلى مواجهة إيران. هجوم رمزي محدود ضد هدف أميركي، مع مواصلة استنزاف إسرائيل. تجاهل أميركا، والتركيز على مهاجمة "الشيطان الصغير"، أي إسرائيل.

وفي تقييمه للمسار الأفضل لإسرائيل، يدعو برنياع إلى وقف فوري لإطلاق النار بمبادرة أميركية، يتبعه تفاوض على اتفاق نووي جديد مع إيران.

وفي محاولته للدفاع عن الموقف الإسرائيلي الذي يطالب بوقف كامل لبرنامج التخصيب الإيراني، فإن المحلل العسكري يرى أن محاولة الرئيس ترامب التوصل لاتفاق يخفض التخصيب الإيراني إلى أدنى مستوى ممكن بدلا من وقفه هي "انعكاس لغرور ترامب، أكثر من كونها مسألة إستراتيجية" حسب زعمه.

ويردد برنياع مزاعم إسرائيل التي تسوق أن الاتفاق على وقف جزئي لبرنامج للتخصيب "سينتهكه النظام الإيراني الحالي منذ اليوم الأول"، وأن "التحدي الحقيقي يتمثل في إيجاد صيغة تضمن استقرارا إقليميا لا يُجهض عند أول فرصة" على حد تعبيره.

وفي نهاية مقاله، يعود برنياع إلى تساؤل إستراتيجي: ماذا يريد نتنياهو حقا؟ فهو يتحدث عن "شرق أوسط جديد"، لكنه يتمسك بسياسات قديمة، ويرفض تسويات جوهرية. ويرى الكاتب أن "على إسرائيل أن تربط تطبيع العلاقات مع السعودية بتحقيق استقرار في غزة والضفة الغربية"، ولكنه مع ذلك يتجنب التطرق لضرورة موافقة إسرائيل على قيام للدولة الفلسطينية، وهو الشرط الذي تقدمه المملكة العربية السعودية قبل هكذا خطوة.

وختم قائلا: "الفرصة موجودة، لكن ليست إيران وحدها من تواجه قرارات صعبة. إسرائيل أيضا أمام لحظة فارقة: إما أن تغتنمها، أو تعود إلى حلقة الحرب الأبدية"، في إشارة إلى الحرب الإسرائيلية على غزة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق