خلال عقدٍ من العمل في شركة «أير بي إن بي»، اكتسب فلاد لوكتييف خبرات عديدة من تعامله المباشر مع الرئيس التنفيذي للشركة، برايان تشيسكي.
بدأ لوكتييف مسيرته كمدير منتج رئيسي في شركة «زينغا» قبل أن ينضم إلى «أير بي إن بي»، حيث تدرّج من منصب مدير نمو المنتجات إلى أن أصبح نائب الرئيس والمدير العام، مسؤولاً عن فرق تضم أكثر من ألف موظف في مجالات التصميم والهندسة والعمليات.
وبعد مغادرته «أير بي إن بي» في عام 2022، وانضمامه إلى شركة «إنديكس فينتشرز» ليكون شريكاً، كشف لوكتييف في إحدى حلقات «Lenny›s Podcast» عن أربعة دروس رئيسية تعلمها من تشيسكي، والذي كان أحد أقرب شركائه في العمل.
1 -تقبّل الفوضى
قد يبدو مفهوم الفوضى في بيئة العمل مخيفاً، ولكن وفقاً للوكتييف، فإن «الفوضى قد تكون أمراً رائعاً». ويضيف: «أحياناً تحتاج إلى خلق بعض الفوضى داخل المؤسسة لدفع الفرق إلى التفكير الإبداعي واتخاذ قفزات نوعية في تطوير المنتجات». واستذكر موقفاً حين أخبره تشيسكي ذات يوم: «هناك شيء غير مريح... لا أشعر أن الأمور تسير على ما يرام».
وعلى الرغم من أن الأرقام كانت جيدة وكل شيء يبدو مستقراً، أضاف تشيسكي: «الأمور هادئة جداً، وهذا لا يعجبني!»
وبدون سابق إنذار، قرر تشيسكي تسريع مشروع مهم كان من المقرر أن يستغرق عدة أسابيع في التصميم والتنفيذ، وقال لفريقه:«سنصمم هذا خلال 24 ساعة فقط!»
وعلى الرغم من الصدمة التي أصابت الفريق، إلا أنهم تمكنوا من إتمام التصميم في أقل من يوم واحد. تعلّم لوكتييف من هذا النهج، أن إدخال بعض الفوضى بشكل مدروس يمكن أن يُحفّز الفرق على الابتكار واتخاذ قرارات أسرع وأكثر جرأة.
2 - النمو المستمر والتكيف
بدأ لوكتييف رحلته في «أير بي إن بي» مديراً للإنتاج، ثم شغل عدة مناصب قيادية، مما جعل دوره يتغير باستمرار كل 3 إلى 6 أشهر. ويقول في ذلك: «في اللحظة التي كنت أشعر فيها بالراحة في منصبي، كنت أجد نفسي مضطراً لإعادة اكتشاف دوري من جديد».
تعلّم لوكتييف أنه لا يمكن تحقيق النجاح بمفرده، وكان عليه دائماً أن يطلب المساعدة عندما يحتاج إليها. وأدرك أن تشيسكي نفسه كان يتطور باستمرار، ويضيف: «كل 6 أشهر كان يبدو وكأنه شخص مختلف، وكان سرّ نجاحه هو عدم الخوف من طلب المساعدة من الأشخاص الذين يملكون الخبرة فيما يسعى لتعلمه»، وأصبح يطبق قاعدة أساسية في حياته: «اطلب المستحيل، وستُفاجأ أحياناً بالنتائج».
3 -القيادة من الأعلى
كثيراً ما يُنظر إلى القيادة من الأعلى على أنها نهج ديكتاتوري، حيث يتخذ القائد جميع القرارات دون مشاركة الآخرين. لكن لوكتييف يرى أن هذه فكرة خاطئة، على الأقل داخل «أير بي إن بي».
وقال لوكتييف: «برايان لم يكن يفرض رأيه، بل كان يطرح عدداً هائلاً من الأسئلة».
وأوضح أن تشيسكي كان يستمع إلى فريقه ويأخذ بآرائهم، لدرجة أنه كان يغير رأيه بناءً على نقاشاتهم.
وأضاف:«لم أشعر أبداً أنني لم أكن مسموعاً أو أن القرارات كانت تُتخذ بشكل عشوائي من قِبله».
اعتمد تشيسكي على نهج «التدخل المباشر» بدلاً من طريقة «إدارة المديرين» المتبعة في وادي السيليكون، حيث يُفوض القادة معظم المسؤوليات لفرقهم.
واستشهد لوكتييف بمقولة تشيسكي في إحدى المقابلات: «كلما قلّ تدخلي المباشر، وجدت نفسي مضطراً للتعامل مع مشكلات معقدة لاحقاً».
ولهذا السبب، قرر تشيسكي تبنّي نهج ستيف جوبز، حيث قال: «سأركّز فقط على عدد قليل جداً من الأمور، وسأكون مشرفاً على كل التفاصيل».
4 - الأهم من تحقيق الهدف
يقول لوكتييف إن أحد أهم الدروس التي تعلّمها من تشيسكي كان طريقة التفكير في الأهداف الكبيرة. وأضاف:«غالباً ما يخشى الناس وضع أهداف طموحة جداً، لأنهم يقلقون من كيفية تحقيقها أو من الفشل».
لكن تشيسكي علّمه أن الأمر لا يتعلق فقط بتحقيق الهدف، بل بالرحلة الإبداعية نحو تحقيقه. وقال: «المهم هو أن تسأل نفسك: كيف يجب أن يبدو العالم حتى يصبح هذا الهدف الطموح حقيقة؟». وأوضح أن التفكير في السيناريوهات القصوى يساعد الفرق على اكتشاف المسار الصحيح:«عندما تبدأ باختبار الحلول المتطرفة، تبدأ في رؤية الطريق الفعلي الذي يجب عليك اتباعه».
تُظهر تجربة فلاد لوكتييف أن العمل تحت قيادة قائد مثل برايان تشيسكي ليس مجرد تجربة وظيفية، بل مدرسة في الابتكار والقيادة والتفكير الاستراتيجي. هذه الدروس يمكن لأي شخص، سواء كان موظفاً مبتدئاً أو قائداً، أن يستفيد منها لتطوير مسيرته المهنية والوصول إلى النجاح.
0 تعليق