بعد التدخل الأمريكي وضرب المفاعلات النووية الإيرانية.. مصر في قلب الحدث!!‏ - هرم مصر

الاسبوع 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في ظل التصعيد الراهن، والحديث المتواصل عن الشرق الأوسط الجديد، وإعادة رسم الخرائط، وتغيير الجغرافيا السياسية للمنطقة يبقى السؤال: أين مصر من كل ذلك؟!

دعونا نقل أولًا: إن هذه الحرب لن تقتصر على إيران وأمريكا وإسرائيل، بل إن تأثيراتها الإقليمية قد تدفع إلى دخول أطراف جديدة في الصراع، خاصة بعد توجيه الضربات الأمريكية إلى المفاعلات النووية الإيرانية الثلاثة فجر الأحد.

وإذا كانت هذه الحرب ستكون لها تأثيراتها على دول الخليج خاصة حال إغلاق مضيق هرمز أو توجيه ضربات إلى القواعد الأمريكية في المنطقة، فإن ذلك لن يستثنى مصر من المعادلة المعقده في إطار الصراع الإقليمي المتصاعد.

لقد كان لمصر موقفها منذ البداية، حيث أدانت العدوان الإسرائيلي على إيران وحذرت من تداعياته على المنطقة بأسرها، كما أن الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس السيسي والرئيس الإيراني مساء الأحد والذي أكد فيه السيسي على رفض مصر للتصعيد الإسرائيلي ضد إيران، يجعل القاهرة طرفًا فاعلًا في سيناريو الأحداث المتوقعة.

لقد أبدت القيادة المصرية استعدادها للعب دور الوسيط منذ بداية الأزمة، ولم تكن إيران ضد هذا الدور، ولكن الضربات الإسرائيلية المتتالية على المواقع الإيرانية أشعلت النيران في المحاولات الدبلوماسية الساعية لوقف لهيب الحرب.

وتدرك القاهرة، عن يقين، أن المخطط الراهن لا يستهدف إخراج إيران من المعادلة وحسب، بل السعي إلى إخراج منطقة الشرق الأوسط من معادلة الردع، وقطع الطريق أمام أية محاولات لإعادة تشكيل النظام العالمي الجديد، بما يفضى إلى تحجيم الامتداد الصيني-الروسي في المنطقة، وإشغالهما بأزمات داخلية وإقليمية خلال المرحلة المقبلة.

صحيح أن إيران لن تقبل بالهزيمة أو الاستسلام، ولذلك بعد ساعات قليلة من الهجوم الأمريكي المتوقع بدأت بإطلاق عشرات الصواريخ باتجاه العديد من المواقع الإسرائيلية الهامة، وبادلتها إسرائيل على الفور بهجوم جوي واسع، مما يؤكد أن ضرب المفاعلات النووية لم يكن نهاية حرب، بل بداية لصراع إقليمي الذي قد يجر إليه أطرافًا دولية بشكل مباشر أو غير مباشر، مما سيدفع بالمنطقة إلى أتون من النار لن ينطفئ بسهولة وسيبقى مشتعلًا لفترة طويلة من الوقت تُدفع فيه الفواتير سريعًا، وتتغير فيه الخرائط والتحالفات، وتستخدم فيه أسلحة فتاكة، بدأت بإطلاق صاروخ «خيبر» لأول مرة اليوم على المدن والمواقع العسكرية الإسرائيلية، دون أن تنتبه إليه صفارات الإنذار، فأحدث دمارًا كبيرًا يرسم ملامح الفترة القادمة.

القاهرة عبرت عن قلقها من جراء هذه التطورات الخطيرة، لأنها تعلم تمامًا أنها ليست مستبعدة من تداعيات هذا المخطط لا على الصعيد الأمني، ولا على الصعيد الاقتصادي، خاصة أن مصر تدرك تمامًا أن إعادة «هندسة المنطقة» لتفتح الطريق أمام مشروع الشرق الأوسط الجديد، لا تستثنى أحدًا، علمًا بأن المنطقة بأسرها تقف الآن أمام مرحلة فاصلة في تاريخها، قد تتغير فيها الخرائط وسمات الجغرافيا السياسية.

صحيح أن المواجهة الإيرانية - مع إسرائيل والولايات المتحدة لا تزال في مرحلتها الأولى رغم الضربات التي أصابت الكثير من المواقع الإيرانية الحساسة، إلا أنه من المبكر الحديث عن فهم الاستراتيجيات العسكرية المتقاطعة بين الطرفين في ميدان المعركة، ومعرفة السيناريوهات التي يرسمها كل طرف لخريطة الحرب التي ازدادت اشتعالًا بعد الضربة الأمريكية القوية فجر الأحد، والتي استهدفت القضاء على ما يسمى بالتهديد الوجودي الإيراني لإسرائيل كما يردد «نتنياهو». صحيح أن الهدف الأمريكي-الإسرائيلي لم يقتصر فقط على المنشآت النووية الإيرانية، وإنما أيضًا المنشآت الصاروخية التي تسبب صداعًا مزمنًا لإسرائيل، مرورًا بتغيير خريطة النظام وتفكيكه وإسقاطه، وذلك من خلال تطبيق سيناريو الحرب التي أعلنتها إسرائيل ضد «حزب الله»، بقتل قادته وعناصره العسكرية، أولًا ثم تدمير المواقع العسكرية، وتجريده من أسلحة الردع، وانتهاء بإسقاط النظام أو تحجيمه وإضعافه.

القاهرة وفي مباحثاتها واتصالاتها مع الطرف الإيراني كانت تتحدث عن «السلام الإقليمي والأمن الجماعي»، إلا أن الضربات الأمريكية قلبت المعادلة رأسًا على عقب، وأعادت هندسة التوازنات مجددًا، وأكدت أن مشروع تغيير الخرائط ليس ترفًا أو كلامًا يطلق عبر وسائل الإعلام الموجهة، وإنما هو مخطط جاد وحقيقي وممتد، ويرسم ملامح الشرق الأوسط بالدم والنار.. والهدف هو المنطقة العربية بالأساس، والأطراف الإقليمية من إيران إلى باكستان إلى تركيا. ولا يجب تجاهل أن هناك محاولة جادة لإضعاف الأطراف والقضاء على الأحلام (الإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية العثمانية مثالًا) تمهيدًا للهيمنة على قلب المنطقة والسيطرة على ثرواتها والتحكم في مساراتها وتفكيك أوصالها، لبناء إسرائيل الكبرى وإسدال الستار على مرحلة ظلت فيها إسرائيل تخوض «حروبًا» وتواجه مقاومة منذ حرب 1948 وحتى اليوم.

أمام كل هذه التحديات والأحلام والأمنيات يبقى السؤال: أين هو موقع مصر، الدولة الكبرى التي تملك جيشًا قويًا، لديه كل إمكانات الردع والحسم، ولديها قدرات بشرية جبارة، واصطفاف وطني موحد.

الأمر الذي لاشك فيه هو أن واشنطن غير راضية عن الكثير من المواقف المصرية التي لا تزال متمسكة بثوابت الأمن القومي، ورافضة لمخططات الهيمنة على المنطقة، وتصفية القضية الفلسطينية، خاصة أن القاهرة عبرت عن ذلك بشكل مباشر ورفضت كافة النداءات التي أطلقها الرئيس الأمريكي الحالي «ترامب» للتراجع والقبول بالرؤية الجديدة، خاصة ما يتعلق منها بالأوضاع في قطاع غزة.

مخطط التهجير:

وتدرك القاهرة جيدًا أنه في حال القضاء على النظام الإيراني وإسقاطه، سيحدث اختلال كبير في التوازن الاستراتيجي، وقد نجد المنطقة نفسها أمام خيار الهيمنة وجهًا لوجه وبشكل أكثر عنفًا وحدية وحسمًا عن أي وقت سبق، من هنا يمكن القول: إن قطاع غزة سيكون هو الهدف التالي لانتصار إسرائيل وأمريكا على إيران إن تحقق ذلك.. الهدف هو تحويل هذا الملف إلى حقائق على الأرض بما يحقق الهدف الأمريكي الذي أعلنه الرئيس ترامب وتجاوب فيه مع مخطط نتنياهو وهو «إخلاء غزة من سكانها».

إن ما يحدث على الأرض من حشد أكثر من 2.3 مليون فلسطيني بإتجاه الحدود مع مصر أمر لا يمكن فهمه، إلا باعتباره حلقة في إطار مشروع التهجير القسري، هذا المشروع القديم - الجديد - الذي عارضته مصر في كافة مراحلها التاريخية ليس باعتباره خطرًا على الأمن القومي وإنما باعتباره أيضًا هدفًا يمهد لتصفية القضية الفلسطينية، وإنهاء حلم الدولة الفلسطينية من الوجود!!

وبالرغم من أن قوة الجيش المصري وسلامة الكيان الوطني الشعبي والرسمي كفيل بلجم هذا المخطط، إلا أن المرحلة المقبلة ستكون لها ملامح مختلفة وتحالفات متباينة، وأهداف لن تقف عند حدود التهجير، بل إلى إدخال سيناء ضمن إطار السيناريو المطروح أو ما يطلق عليه «الشرق الأوسط الجديد» الذي بشرت به كوندليزا رايس عام 2005، ووجد الإسرائيليون والأمريكان سويًا أن اللحظة الراهنة باتت هي الأنسب، ومن ثم فإن التهجير سيكون حلقة لن تنتهي عند حدود الدفع بملايين الفلسطينيين إلى جوف سيناء.

قطعًا مصر ليست لقمة سائغة، وجيش مصر يدرك تمامًا حقائق الواقع وحدود الطموحات الإسرائيلية، لكننا أمام لحظة تاريخية لا أحد يعرف حدود طبيعة التحالفات الجديدة وآلياتها المختلفة على مسرح الأحداث القادمة.

المنطقة في موضع الخطر، والواقع الجديد يعكس ضبابية وتحالفات قد تظهر ملامحها قريبًا جدًا، والشرق الأوسط يقف اليوم على أعتاب مرحلة تهدف إسرائيل من ورائها إلى تغيير الخرائط والهويات، لكن الشعوب لا تعرف الهزائم ولا الانكسار، فما بالك بالحالة الراهنة؟!

الكل أدرك أن المطلوب هو استعباد المنطقة، لا فارق بين متشدد ومعتدل، لا فارق بين شيعي أو سني، لا فارق بين مسلم ومسيحي، لا فارق بين من طبع ومن يرفض التطبيع، الكل مستهدفون.

بقيت حقيقة أخيرة: النصر الحاسم يكتبه المقاتلون أصحاب الحق، من امتلكوا الإرادة والإيمان، مهما كانت قوة الطغيان، والأمثلة في التاريخ الحديث والقديم واضحة للعيان.. أمريكا ستهزم وإسرائيل ستنكمش، والأيام بيننا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق