تستعد الأمة الإسلامية لاستقبال عام هجري جديد، والذي سيبدأ خلال أيام قليلة والذي ارتبط بالهجرة النبوية من مكة الى المدينة لتبدأ معه الدولة الإسلامية وتنطلق من المدينة ليتنشر نورها في ارجاء العالم.
ورغم ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل المدينة في 12 ربيع الأول من العام الثالث عشر للبعثة، فما الذي دفع الفاروق عمر بن الخطاب امير المؤمنين ومعه الصحابة رضوان الله عليهم إلى اختيار الهجرة كبداية للتقويم الإسلامي دون غيرها من الأحداث المهمة؟ ولماذا لم تكن البعثة أو نزول الوحي أو حتى فتح مكة هي البداية؟
هذه التساؤلات اجابت عنها دار الإفتاء المصرية لتؤكد أن الهجرة حدثٌ عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية، استحقت أن تكون بداية للتقويم الإسلامي؛ لما مثلته من معاني سامية ورفيعة؛ إذ كانت دليلًا جليًّا على تمسك المؤمنين بدينهم؛ الذين هاجروا إلى المدينة تاركين وطنهم وأهلهم وبيوتهم وأموالهم، لا يرغبون في شيء إلا في العيش مسلمين لله تعالى.
وقد مدحهم سبحانه وأشاد بهم؛ فقال تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ [الحشر: 8].
كما كانت الهجرة الشريفة هي البداية الحقيقية لإقامة بنيان الدولة الإسلامية، ووضع أحكامها التشريعية، التي صارت أساسًا لإنشاء النظم المجتمعية، وضبط العلاقات الإنسانية والدولية، وإقرارًا لمبدأ التعايش والتعددية، ولأجل ذلك اختار الصحابة رضي الله عنهم الهجرة بداية للتقويم الإسلامي.
فروى الطبري في "تاريخه" عن ميمون بن مهران قال: رفع إلى عمر رضي الله عنه صَكٌّ محله في شعبان، فقال: أيُّ شعبان؛ الذي هو آت، أو الذي نحن فيه؟ ثم قال لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ضعوا للناس شيئًا يعرفونه"، فقال بعضهم: "اكتبوا على تأريخ الروم"، فقيل: "إنهم يكتبون من عهد ذي القرنين؛ فهذا يطول"، وقال بعضهم: "اكتبوا على تأريخ الفرس"، فقيل: "إن الفرس كلما قام ملك طرح ما كان قبله"، فاجتمع رأيهم على أن ينظروا كم أقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة، فوجدوه عشر سنين، فكتب التأريخ من هجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل
0 تعليق