إسماعيل الحمادي *
في خطوة متوقعة من قبل الخبراء الماليين والأسواق العالمية، قرر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي، عند نطاق 4.25% - 4.5%، في اجتماعه الأخير بشهر مايو/ أيار 2025، وهو ثالث تثبيت على التوالي في عام 2025.
مع العلم أن التوقعات المرصودة، بنهاية العام الماضي، كانت تميل بقوة إلى الخفض، مع بداية الربع الثاني من 2025، لكن ذلك لم يحدث، واستمر الإبقاء على نفس السعر، وإذا فكرنا بعقلانية، يظل التثبيت أفضل بكثير من رفعها مرة أخرى.
ربما هذا القرار يعكس سياسة حذرة من قبل الفيدرالي، بعد سلسلة من التخفيضات، التي بدأت منذ سبتمبر/ أيلول 2024، عندما خفّض الفائدة لأول مرة، منذ عام 2020، بمقدار 50 نقطة أساس، وتبعه خفض إضافي في ديسمبر/ كانون الأول بمقدار 25 نقطة أساس.
رحلة رفع أسعار الفائدة، التي بدأت بالضبط بشهر مارس/ آذار 2022 كانت طويلة، حيث بلغت 11 رفعاً متتالياً، لغاية شهر يونيو/ حزيران 2023، حين رفع الفيدرالي أسعار الفائدة إلى 5.25% - 5.5%، وظل محافظاً على هذا النطاق لمدة سنة تقريباً، حتى بدأ في خفضها تدريجياً منذ سبتمبر/ أيلول 2024. ومنذ ديسمبر 2024، تم تثبيت الفائدة عند 4.25% - 4.5% لأربعة اجتماعات متتالية، حتى مايو 2025.
بالنهاية، قرار التثبيت لا يعد مؤشراً على تراجع المخاوف من التضخم، لكن يعتبر إشارة إيجابية على استقرار الاقتصاد العام، وحرص الفيدرالي على عدم خنق نموه بعد فترة طويلة من التشديد النقدي.
بين هذا وذاك، ما يهمنا الآن، هو معرفة كيف يمكن لسوق عقارات دبي الاستفادة من ذلك؟
مع اتجاه البنوك المركزية حول العالم لمحاكاة السياسة النقدية الأمريكية، تحافظ البنوك الإماراتية هي الأخرى على سياستها التيسيرية والمستقرة، مما يعني بقاء الفوائد على القروض العقارية عند مستوياتها دون تغيير، ومقارنة مع عامي 2022 و2023، تظل أسعار الفائدة مناسبة، ما يعزز من قدرة المشترين المحليين والدوليين في الحصول على تمويل عقاري بشروط ميسرة، وأعباء استرداد منخفضة قليلاً عما سبق.
وعلى الجانب الآخر، سيتمكن المطوّرون من الاقتراض بتكاليف أقل لتمويل مشاريعهم، وهذا ما يرفع من عدد إطلاق المشاريع العقارية، تماشياً مع الطلب المتنامي على العقارات بسوق دبي بمختلف أنواعها، ويعزز ثقة المستثمرين، ما ينعكس إيجاباً على استقرار القطاع بعيداً عن التقلبات، وزيادة الاستثمارات طويلة الأجل.
نقطة مهمة أخرى يمكن الإشارة إليها، هي أنه عندما تكون أسعار الفائدة مرتفعة، تقل جاذبية الدولار الأمريكي، ويتوجّه الكثير من المستثمرين الدوليين للبحث عن أسواق بديلة بعوائد أعلى، ومستقرة اقتصادياً مثل دبي.
رغم أن الواقع خالف التوقعات، ولم يكن هناك تخفيض هذه المرة، إلا أنه يظل أفضل بكثير من العودة إلى سياسة التشديد ورفع الفوائد مجدداً.
وبالنسبة لدبي، فهذا الاستقرار المالي العالمي، يُترجم إلى فرص جديدة في السوق العقاري، وزيادة في الطلب، سواء من المستثمرين الأفراد أو الشركات، ويُبشّر بعام واعد للقطاع العقاري في الإمارة. وهذا لا يعني أن التخفيض غير محتمل، خلال النصف الثاني، فإذا واصل التضخم التراجع تحت مستوى 2.5%، واستقرت معدلات البطالة عند مستويات مقبولة، فمن المحتمل أن يقوم الفيدرالي بخفض الفائدة مرتين أو ثلاث مرات إضافية، خلال 2025، وربما نرى سعر الفائدة يصل إلى حدود 3.5%، مع نهاية العام، مما سيرفع من مكتسبات سوق عقارات دبي، فكلما خُفضت الفائدة، زادت الاستثمارات العقارية الأجنبية، وخُففت شروط التمويل العقاري وأصبحت أسهل (دفعات أولى أقل، وأقساط أقل)، مما سيسهم في زيادة الطلب المحلي على التملك، وزادت معها حركة المبيعات وشراء العقارات.
باختصار، إذا تحقق خفض الفائدة، خلال ما تبقى من عام 2025، فإن سوق العقارات في دبي سيشهد انتعاشة قوية مدعومة بالطلب المحلي والدولي، فكل خفض إضافي يعني فرصة أكبر للمستثمرين والمشترين، لتحقيق مكاسب استثمارية عالية.
* الرئيس المؤسس لشركة «الرواد» للعقارات
0 تعليق