تباينت آراء خبراء ومختصين بشأن طبيعة الدور الإيراني في المنطقة العربية، بين من يرون أن إيران قد ساهمت في بناء قوة دفاعية عربية، وآخرين يرون أنها أضعفت الدول وفتتها.
وتمحور النقاش حول فرضية تساءلت عما إذا كانت دول مثل لبنان واليمن والعراق ستمتلك جيوشا تحميها لولا الدعم الإيراني.
وتناولت حلقة (2025/6/16) من برنامج "باب حوار" -التي تم تسجيلها قبل العدوان الإسرائيلي على إيران في (2025/6/13)- هذه القضية، حيث شارك فيها مجموعة من الأكاديميين والإعلاميين والمحللين السياسيين من خلفيات فكرية متنوعة.
ودافع الأكاديمي والباحث حسن أحمديان عن الفرضية بقوة، مؤكدا أن الولايات المتحدة وإسرائيل عملتا على إضعاف وتدمير الجيوش العربية الرئيسية بشكل منهجي.
وأوضح أحمديان أن هذا التدمير طال الجيش المصري ثم العراقي ثم السوري واليمني والليبي، مشيرا إلى أن كل هذه الدول كانت تؤثر على الصراع العربي الإسرائيلي.
واتفقت معه الصحفية حوراء الحلاني في تبرير الدعم الإيراني، معتبرة أن إيران كانت تدعم "حركات مقاومة" وليس مليشيات، مؤكدة أن إيران تحارب أساسا ضد إسرائيل وأميركا وليس ضد الدول العربية.
وتساءلت الحلاني: "إذا كنا على الجهة نفسها، فلماذا لا نقاتل العدو نفسه؟".
وفي السياق نفسه، أكد الباحث في العلوم السياسية الخليل أحمد أنداش أنه لا يرى ضيرا في أن يستعين المحتل بأي جهة لتحرير أرضه، مقارنا الوضع بالاستعانة الدولية لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي.
وقال أنداش: "أنا سأستعين بأي يكون لتحرير أرضي"، مؤكدا أن هذا المبدأ ينطبق على المقاومة في فلسطين ولبنان.
بناء ثقافة عدوانية
وعلى النقيض تماما، رفض الإعلامي محمد الظبياني الفرضية بشدة، متهما إيران ببناء مليشيات بثقافة عدوانية بدلا من الجيوش النظامية. وأشار الظبياني إلى الدمار الذي لحق بسوريا ولبنان واليمن، محملا إيران مسؤولية تحويل هذه البلدان إلى ركام.
وتوافق مع هذا الطرح الكاتب والصحفي ملاذ الزعبي الذي اعتبر الفرضية معكوسة تماما، مؤكدا أنه لولا إيران لكانت هناك جيوش وطنية ودول مستقرة في سوريا واليمن ولبنان.
إعلان
واتهم الزعبي إيران بالعمل على إنشاء مليشيات كأذرع تابعة لها، وبـ"استتباع جزء من مكونات المجتمعات العربية لتصبح أذرعا للتخريب وتفتيت الدول".
وانتقد الزعبي بشدة ما وصفه بـ"المشروع الإمبراطوري التوسعي" الإيراني، معتبرا أن إيران عملت على تخريب الجيوش والمجتمعات والدول بدلا من بنائها، وأنها استغلت الشيعة العرب كمكون أساسي في الثقافة العربية لخدمة أهدافها التوسعية.
ومن جهته، قدم الكاتب والمحلل السياسي داهم القحطاني رؤية أخرى، معتبرا أن إيران خسرت كثيرا من دعم ما يسمى بالمقاومة، وأن هذا الدعم يشكل أحد المعوقات الرئيسية لوجود علاقات طبيعية بين إيران والدول العربية.
وأشار القحطاني إلى أن المقاومة الفلسطينية كانت تحقق مكاسب مهمة حتى قبل الدعم الخارجي، مستشهدا بنجاح المقاومة السلمية والمدنية بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وبحصول السلطة الفلسطينية على الحكم عام 1993 دون دعم خارجي.
وحذر من أن الدعم الإيراني جعل المقاومة "توصف بأنها غير وطنية وأنها تستقوي بالخارج"، خاصة أن "ما حدث في لبنان واليمن ليس حربا ضد إسرائيل وأميركا، بل أحيانا حرب ضد الداخل".
الصادق البديري
16/6/2025
0 تعليق