في وقت تتزايد فيه المخاوف من تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، دعا رائد الأعمال الأميركي والمؤسس المشارك لموقع LinkedIn، ريد هوفمان، خريجي الجامعات الشباب إلى استثمار مهاراتهم في مجال الذكاء الاصطناعي باعتبارها “سلاحًا سريًا” يمنحهم الأفضلية.
وفي فيديو نُشر مؤخرًا عبر قناته على يوتيوب، خاطب هوفمان طلابًا جامعيين أعربوا عن قلقهم من احتمالية فقدان وظائفهم بسبب التقدم السريع للذكاء الاصطناعي، معتبرًا أن هذه المخاوف “مشروعة”. لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن جيل Z – أي مواليد أواخر التسعينات وأوائل الألفية – يتمتع بميزة فريدة تجعلهم “جذابين للغاية” في أعين أرباب العمل، كونهم نشأوا وتفاعلوا مع أدوات الذكاء الاصطناعي منذ بداياتها.
وقال هوفمان إن الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل بيئات العمل، خصوصًا في الوظائف المبدئية، مؤكدًا أن هذا التحول يفتح أمام الشباب فرصًا لإبراز قدراتهم بطرق غير تقليدية، بخلاف الأجيال الأكبر سنًا التي لا تزال تحاول اللحاق بركب التقنية.
رؤى متضاربة في وادي السيليكون
لكن الرؤية المتفائلة لهوفمان لا تلقى اتفاقًا جماعيًا. فمدير شركة “Anthropic” المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، داريو أمودي، حذر في مقابلة حديثة مع موقع “Axios” من سيناريو قاتم، حيث توقع أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى القضاء على نصف وظائف المكاتب المبدئية خلال خمس سنوات فقط، ورفع معدلات البطالة إلى 20%، وقال أمودي: “معظم الناس لا يدركون ما سيحدث، والأمر يبدو لهم خيالياً”.
من جانبه، رفض مدير شركة Nvidia الشهيرة، جينسن هوانغ، هذه التوقعات، وصرّح خلال مشاركته في مؤتمر VivaTech 2025 في باريس قائلاً: “أكاد لا أوافق على شيء مما قاله”، وأضاف: “نعم، الذكاء الاصطناعي سيغير شكل العمل، لكنه أيضًا سيفتح أبوابًا جديدة ويخلق صناعات لم تكن موجودة من قبل، لقد غيّر حتى طبيعة عملي أنا شخصيًا”.
هوفمان: الذكاء الاصطناعي ليس صديقك
وفي مفارقة لافتة، كان هوفمان قد صرّح مؤخرًا بأن من يظن أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون “صديقًا” فهو مخطئ. موضحًا أن مفهوم الصداقة يتطلب علاقة متبادلة، حيث يقدم كل طرف الدعم للآخر ويساهم في نموه، وقال: “الصديق الحقيقي لا يكون فقط موجودًا لأجلك، بل أنت أيضًا موجود لأجله، وهذا شيء لن يستطيع الذكاء الاصطناعي تقديمه يومًا ما”.
وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي يروج فيه مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة Meta، لفكرة “الرفقاء الافتراضيين” بالذكاء الاصطناعي كحل لمشكلة الوحدة التي يعاني منها الكثير من الأشخاص في الولايات المتحدة، مستشهدًا بدراسات تشير إلى أن العديد من الأميركيين لديهم أقل من ثلاثة أصدقاء مقربين، وتعمل Meta بالفعل على دمج هؤلاء “الرفقاء” في تطبيقاتها مثل انستجرام، واتساب، فيسبوك، وحتى النظارات الذكية.
لكن هوفمان حذر من أن هذه التجربة قد تخلط بين العلاقة الرقمية والإنسانية، مشيدًا بتجارب أكثر شفافية مثل روبوت المحادثة “Pi” الذي طورته شركة Inflection AI، والذي يوضح للمستخدمين بوضوح أنه مجرد “رفيق رقمي”، وليس بديلًا عن الصداقة الحقيقية.
مع تصاعد الجدل بين المتفائلين والمتحفظين حول تأثير الذكاء الاصطناعي، تبقى الحقيقة الأهم أن الأجيال الشابة تمتلك اليوم فرصة استثنائية لتوظيف معرفتها التقنية في اقتناص وظائف المستقبل — بشرط أن تعي أن الذكاء الاصطناعي شريك في العمل، لا صديق في الحياة.
0 تعليق