هل تُقلص غارات إسرائيل البرنامج النووي الإيراني أم تُسرِّعه؟ .. خبراء: المنشآت الذرية تضررت لكن لم تُدمر - هرم مصر

سبق 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تم النشر في: 

14 يونيو 2025, 8:18 صباحاً

اهتزت منطقة الشرق الأوسط ليلة الجمعة على وقع ضربات جوية إسرائيلية استهدفت منشآت نووية وبنى تحتية عسكرية في إيران، ورغم تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الهجمات استهدفت قلب برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني، إلا أن تحليلات خبراء تحدثوا إلى صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، خلصت إلى أن الأضرار اقتصرت على المرافق السطحية والبنية التحتية للمنشآت النووية الإيرانية، تاركة آلاف أجهزة الطرد المركزي المدفونة عميقاً تحت الأرض، والتي تُخصب اليورانيوم شبه الصالح للأسلحة، سليمة إلى حد كبير، وهذا التقييم يعمق الغموض حول القدرات النووية الإيرانية ويترك المنطقة على عداد تنازلي، بحسب مفاوض أمريكي سابق، إلى حين معرفة مصير اليورانيوم عالي التخصيب المخزّن.

تأثير محدود

وعلى الرغم من التصريحات الإسرائيلية الصارمة، تشير التقارير الأولية، وتحليلات صور الأقمار الصناعية، وبيانات كلا البلدين، إلى أن الضربات لم تُلحق أضراراً لا رجعة فيها بالبرنامج النووي الإيراني، ويجمع الخبراء في مجال منع الانتشار النووي على أن هذه الضربات لم تتمكن من تحييد آلاف أجهزة الطرد المركزي الموجودة في منشآت مثل فوردو ونطنز، أو القضاء على مئات الأرطال من المواد النووية، التي أنتجتها إيران بالفعل، وهذا يؤكد أن جوهر البرنامج، بقدرته على إنتاج اليورانيوم المخصب، لا يزال قائماً.

وتعتبر منشأتا فوردو ونطنز هما القلب النابض لبرنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني. فوردو، الواقعة قرب قم، ونطنز في محافظة أصفهان، كلاهما منشأتان ضخمتان تحت الأرض، وتتميز فوردو بكونها الأكثر عمقاً، ويشير الخبراء إلى أن الذخائر التقليدية الوحيدة القادرة على إلحاق أضرار حاسمة بملاجئ التخصيب تحت الأرض هي قنابل اختراق التحصينات الضخمة الأمريكية، التي تزن 30 ألف رطل، وهي قنابل لا تمتلكها إسرائيل، وهذا الواقع يضع حداً لقدرة إسرائيل على تدمير هذه المواقع دون مساعدة عسكرية أمريكية.

مواقع محصنة

وتوضح كيلسي دافنبورت مديرة سياسة منع الانتشار في جمعية الحد من الأسلحة، أن "إسرائيل يمكنها إلحاق الضرر بمنشآت نووية إيرانية رئيسية، لكنها لا تستطيع تدمير مواقع محصنة مثل فوردو دون مساعدة عسكرية أمريكية"، وعلى الرغم من دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في مواجهة التهديدات الإيرانية، إلا أن تصريحات المسؤولين الأمريكيين أكدت أن الضربات الإسرائيلية جاءت "أحادية الجانب"، ما ينفي أي تورط مباشر لواشنطن في هذه العمليات، هذا الموقف يعكس تعقيد العلاقات الاستراتيجية في المنطقة.

وأقر رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنيغبي، بأن البرنامج النووي الإيراني "لا يمكن تدميره بالوسائل الحركية"، وقال: "إن الأمريكيين وحدهم من يمكنهم تحقيق ذلك"، ليس بتزويد إسرائيل بقنابل "اختراق المخابئ"، بل من خلال التوصل إلى اتفاق تتخلى بموجبه إيران طواعية عن برنامجها النووي مقابل السلام ورفع العقوبات، وهو ما عرضته إدارة سابقة في واشنطن، وهذا التصريح يسلط الضوء على أن الحل الدبلوماسي قد يكون السبيل الوحيد لتحقيق تدمير فعلي للبرنامج.

أهداف الضربات

ويرى ديفيد أولبرايت الخبير في برنامج إيران النووي، أن الجولة الأولية من الضربات الإسرائيلية لم تعط الأولوية لتدمير البنية التحتية النووية الإيرانية، بدلاً من ذلك، يبدو أن الجيش الإسرائيلي استغل عنصر المفاجأة لقتل قادة عسكريين وعلماء نوويين إيرانيين بارزين، بالإضافة إلى تعطيل أنظمة الدفاع الجوي، وهذا يشير إلى أن الأهداف قد تكون أوسع نطاقاً من مجرد استهداف المنشآت النووية بشكل مباشر، وأنها قد تكون موجهة لتقويض القدرات القيادية والتشغيلية الإيرانية.

وعلى الرغم من التقارير عن انفجارات قرب فوردو، لا يبدو أن الضربة استهدفت المنشأة الرئيسية العميقة تحت الأرض، ويؤكد إريك بروير من مبادرة التهديد النووي، أن "إذا كان فوردو لا يزال يعمل، وإذا كانت المواد المخزنة هناك لا تزال سليمة، فإن الجدول الزمني" لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لقنبلة في أقل من أسبوع "لم يتغير"، وفي نطنز، أدت الضربات إلى تدمير منشآت فوق الأرض وتسببت في أضرار بالغة بالنظام الكهربائي، مما أثر على التهوية والطاقة تحت الأرض وفوقها، ودمرت أيضاً مصنع أبحاث صغيراً.

دعاة القنبلة

ويشير ديكر إيفيليث محلل صور الأقمار الصناعية، إلى أن المنشأة في نطنز قد "عُطلت بتدمير محطة فرعية للطاقة، لكنها لم تُدمر بطريقة تؤثر على قدرة إيران الطويلة الأمد على إنتاج سلاح"، ويضيف جيفري لويس، أستاذ في معهد ميدلبري للدراسات الدولية، بعد مراجعة صور الأقمار الصناعية لنطنز، أن المنشأة تحت الأرض التي تُصنع فيها أجهزة الطرد المركزي المتطورة قد سلمت، وهذا يؤكد أن قدرة إيران على صيانة وتصنيع مكونات برنامجها النووي لا تزال قائمة.

وشملت المواقع النووية الأخرى التي تعرضت للضرب، ما وصفته قوات الدفاع الإسرائيلية بمنشأة لإنتاج اليورانيوم المعدني في أصفهان، ومجمع عسكري في بارتشين، ومفاعل أراك للماء الثقيل جنوب غرب طهران، ومحطة بوشهر للطاقة النووية، وفي المواقع العسكرية المستهدفة، أظهرت مقاطع فيديو تصاعد دخان أسود كثيف من محيط مطار شهيد مدني الدولي في تبريز، حيث ادعت إسرائيل تدمير قاعدة للقوات الجوية الإيرانية. لكن منشآت تخزين أجهزة الطرد المركزي واليورانيوم ظلت سليمة على ما يبدو.

والهجمات الإسرائيلية قد تشجع الأطراف داخل الحكومة الإيرانية التي طالما جادلت بضرورة تسريع وتيرة إنتاج سلاح نووي، ويشير جيم والش من برنامج الدراسات الأمنية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى أن "الزخم السياسي سينتقل بلا شك إلى دعاة القنبلة، وهذا التطور يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الضربات ستؤدي إلى تقليص البرنامج النووي الإيراني، أم أنها ستدفعه نحو تسريع جهوده لامتلاك سلاح نووي كخيار استراتيجي للحماية من أي هجمات مستقبلية؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق