وحدة ماجلان، إحدى وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي، يخضع المتقدمون لعضويتها لاختبارات دقيقة وقاسية، ويتم انتقاء أفرادها بصعوبة بالغة. ويتركز دورها في تدمير الأهداف المهمة في ساحة المعركة، وجمع المعلومات وإنقاذ الرهائن، وتنفيذ عمليات "خلف خطوط العدو".
منيت الوحدة بضربات قاصمة في معركة طوفان الأقصى وما أعقبها من حرب إسرائيلية على قطاع غزة، كان أبرزها في السادس من يونيو/حزيران 2025، إذ قتل 4 من جنودها وأصيب آخرون، بعدما تسللوا إلى بلدة بني سهيلا شرق مدينة خان يونس، واقتحموا منزلا زرعت فيه المقاومة الفلسطينية عبوة ناسفة، انفجرت بهم.
التسمية والشعار
وحدة ماجلان من بين أكثر وحدات الجيش الإسرائيلي تنظيما وتجهيزا، وأطلق عليها هذا الاسم تيمنا بنوع من الطيور المهاجرة، يطلق عليه باللغة العبرية اسم "الماجلان".
وهو من الطيور النادرة في إسرائيل، ويتكيف مع كل البيئات ويتخذها موطنا له، فضلا عن قدرته على التمويه والحصول على الطعام من دون خوف، حتى مع وجود خطر بالقرب منه.
وترى الوحدة أن حياة أفرادها يجب أن تكون مشابهة بشكل كبير لحياة طائر "الماجلان"، ويضع المنتسبون إليها صورة الطائر شعارا على ملابسهم.
وتتخذ الوحدة شعارا لها عبارة: "في هدوء وأمان، ستكون بطولتك".
التأسيس
أُسست وحدة ماجلان -وتسمى أيضا الوحدة 212- التي تتبع لواء الكوماندوز بالجيش الإسرائيلي في يونيو/حزيران 1986، على خلفية توصيات لدراسات عسكرية تناولت الدروس المستقاة من حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، والاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.
إعلان
في بداية تأسيسها، كانت متخصصة في "الحرب المضادة للدبابات"، ولاحقا في "تنفيذ عمليات سرية خاصة باستخدام أكثر الأسلحة تطورا"، وتم انتقاء المنتسبين إليها بشكل دقيق من ألوية الجيش كافة، ودُرّبوا على جميع فنون القتال.
أدرجت الوحدة في بدايتها ضمن تشكيل فرقة "عصبة داود"، وبعد 3 سنوات نقلت إلى الفرقة 98 (تشكيل النار)، وفي ديسمبر/كانون الأول 2015 ألحقت بالفرقة 89 (عوز).
الأهداف
تتركز المهمة الأساسية للوحدة في تنفيذ عمليات سرية خاصة، لا سيما في فترة الحرب، وهناك عديد من الأهداف والمهام الأخرى، من أبرزها:
تدمير الأهداف المهمة في ساحة المعركة. جمع المعلومات الدقيقة عن الخصوم في ساحة المعركة باستخدام أسلحة خاصة ومتطورة. إنقاذ الرهائن الإسرائيليين. تنفيذ عمليات معقدة ودقيقة "خلف خطوط العدو"، لا سيما في المناطق المأهولة بالسكان. التصدي "للأعمال الإرهابية".التدريب والتجنيد
تضم الوحدة عديدا من الأقسام، أبرزها قسم تطوير الأسلحة المتقدمة، الذي يتمثل دوره في "إيجاد الحلول الإبداعية والابتكارات التكنولوجية بما يتوافق مع الاحتياجات العملياتية والأنشطة السرية للوحدة".
ارتبط بقيادة الوحدة عديد من الشخصيات العسكرية الإسرائيلية البارزة، من بينهم القائد السابق للواء غولاني في الجيش الإسرائيلي داني هيرمان، فضلا عن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت.
ويجري انتقاء أفراد الوحدة وفق معايير خاصة، إذ يخضعون لفحوصات طبية واختبارات لياقة بدنية عالية المستوى، ويتدربون على شتى فنون القتال في مركز تدريب لواء المظليين لمدة تستمر لنحو 16 شهرا.
ويتدرب المنتسبون للوحدة أيضا على استخدام مختلف أنواع الأسلحة، بما فيها قذائف الهاون والصواريخ الموجهة، ويخضعون لدورة تدريبية خاصة بالمظليين وتدريبات خاصة مشتركة مع لواء "الكوماندوز" ووحدة دوفدفان ووحدة إيغوز، ويعمل أعضاء الفرقة في تخصصات مختلفة ويخضعون لتدريبات مكثفة في الملاحة والتمويه تستمر أسابيع.
إعلان
عمليات وإخفاقات
لبناننفذت الوحدة عمليات سرية في لبنان بدءا من عام 1989، كان أبرزها اغتيال قيادات في حزب الله اللبناني، والفصائل الفلسطينية.
وشاركت الوحدة في عملية "عناقيد الغضب"، التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على لبنان بين 11 و27 أبريل/نيسان 1996، ونفذت خلالها مجزرة قانا الأولى التي استشهد فيها عشرات اللبنانيين وأصيب المئات.
وقتها، تعرض أفراد الوحدة لإطلاق قذائف هاون، وهو ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى التدخل لإنقاذهم، فعمد إلى إطلاق قذائف مدفعية سقط بعضها على مخيم تابع للأمم المتحدة يؤوي لاجئين لبنانيين، مما أسفر عن مقتل نحو 100 لبناني و4 من العاملين في المنظمة الأممية.
في يوليو/تموز 2006، قُتل اثنان من أعضاء الوحدة في هجوم لحزب الله على دورية للجيش الإسرائيلي على الحدود، وأدى ذلك الهجوم إلى اندلاع حرب استمرت 33 يوما، وشهد جنوب لبنان في أثنائها معظم المعارك التي شاركت فيها الوحدة بقوة، وبفضل ذلك حصلت على وسام تقدير من قائد المنطقة الوسطى بالجيش الإسرائيلي.
كما شارك مقاتلو الوحدة في العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2024، ونفذوا عمليات خاصة، وسعوا لجمع معلومات استخباراتية عن حزب الله، لا سيما في الضاحية الجنوبية لبيروت.
الضفة الغربيةنفذت الوحدة عمليات سرية في مدن الضفة الغربية، لا سيما في أثناء انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الفلسطينية الثانية)، التي اندلعت شرارتها يوم 28 سبتمبر/أيلول 2000 عقب اقتحام زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك أرييل شارون باحات المسجد الأقصى.
ويوم 19 مارس/آذار 2002، تعرضت الوحدة لعملية إطلاق نار نفذها مقاومون فلسطينيون في منطقة حمام المالح شرق مدينة طوباس في الضفة المحتلة، مما أسفر عن مقتل قائد القوة التابعة لها وإصابة عدد من الجنود العاملين فيها.
وفي يوليو/تموز 2023، نفذت وحدة ماجلان عملية خاصة في مخيم جنين (شمالي الضفة المحتلة) أطلقت عليها إسرائيل اسم "البيت والحديقة". وهاجم أعضاء الوحدة المخيم ودمروا مستودعات ذخيرة للمقاومة الفلسطينية.
إعلان
في فبراير/شباط 2025، شاركت الوحدة في عملية سمتها إسرائيل "الجدار الحديدي"، واستهدفت مدن شمال الضفة الغربية ومخيماتها، بهدف القضاء على المقاومة المسلحة.
قطاع غزةشارك مقاتلو الوحدة في جميع الحروب والعمليات العسكرية التي شنتها إسرائيل ضد قطاع غزة. وفي حرب 2014 (الجرف الصامد)، قتل 3 من جنودها بعد أن فجرت بهم المقاومة الفلسطينية نفقا في جنوب قطاع غزة، وحصلت الوحدة على وسام رئيس الأركان لنشاطها في تلك الحرب.
وفي عام 2011، كلفت الوحدة بتأمين عودة الجندي جلعاد شاليط إلى إسرائيل بعد أن أفرجت عنه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بموجب صفقة تبادل سُميت "وفاء الأحرار".
وتعرضت الوحدة لضربة كبيرة في عملية طوفان الأقصى، التي شنتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ قتل وأسر عديد من أعضائها، بينهم ضابط العمليات الخاصة فيها الملازم يفتاح يافيتس.
وفي أثناء العدوان الذي أطلقته إسرائيل على قطاع غزة بعد معركة طوفان الأقصى، ارتكب مقاتلو وحدة "ماجلان" عديدا من المجاوز بحق المدنيين في غزة، لا سيما في أثناء مشاركتهم في المعركة البرية، وهو ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات من عناصرها في معارك مع المقاومة.
وتعرضت الوحدة لضربة قوية في السادس من يونيو/حزيران 2025، إذ قُتل 4 من جنودها في كمين نفذته المقاومة الفلسطينية في بلدة بني سهيلا شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع، في أثناء مشاركتهم في تنفيذ ما قال الجيش الإسرائيلي إنه هجوم استهدف مباني وبنى تحتية تابعة لحركة حماس.
وحسب التحقيق الإسرائيلي، فإنه بعد دقائق من دخول القوة مبنى شرق خان يونس انفجرت بهم عبوة ناسفة أدت إلى انهياره.
ونفذ الجيش الإسرائيلي عملية إجلاء لعناصر الوحدة استغرقت وقتا طويلا، وتمت تحت غطاء ناري كثيف من سلاحي الجو والمدفعية.
إعلان
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما جرى بأنه "يوم صعب جدا"، في حين قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إن "ثمن الحرب باهظ جدا، وهذه ساعة حزن، لكنها أيضا لحظة التزام عميق بالوقوف خلف جنودنا".
المصدر: الجزيرة + وكالات + الصحافة الإسرائيلية
0 تعليق