شهدت الحرب بين روسيا وأوكرانيا اليوم الجمعة تصعيدا عسكريا غير مسبوق، تمثل في هجمات متبادلة بالطائرات المسيّرة والصواريخ، استهدفت منشآت عسكرية وصناعية في عمق البلدين، وسط دعوات أوكرانية لتحرك دولي "حاسم" لوقف الهجمات الروسية.
وقال الجيش الروسي الجمعة إنه شن هجوما "ضخما" باستخدام أسلحة جوية وبحرية وبرية عالية الدقة بعيدة المدى، بالإضافة إلى مسيّرات هجومية على أوكرانيا "ردا" على الهجمات الأخيرة التي نفّذتها كييف على أراضيها، التي استهدفت مواقع عسكرية.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسي أنها أسقطت 174 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق مناطق عدة، من بينها كورسك وبيلغورود وشبه جزيرة القرم، كما دمرت 3 صواريخ موجهة من طراز "نيبتون-إم دي" فوق البحر الأسود.
ورغم هذه التصريحات، أفادت تقارير محلية بأن بعض الهجمات أصابت أهدافا حساسة، من بينها مصفاة نفطية في مدينة إنجلز بمنطقة ساراتوف، التي تضم قاعدة جوية روسية رئيسية.
وفي منطقة بريانسك، أظهرت مقاطع مصورة كرة لهب كبيرة في مطار عسكري وسط أصوات العديد من الانفجارات، بينما خرجت قاطرة احتياطية عن مسارها في بيلغورود بعد انفجار عبوة ناسفة على السكة الحديد الروسية، دون تسجيل إصابات.
إعلان
في المقابل، أعلنت هيئة الأركان الأوكرانية أن قواتها نفذت "ضربة استباقية" استهدفت مطارات روسية في ساراتوف وريازان، بالإضافة إلى منشآت لتخزين الوقود. وأكدت كييف أن الضربات جاءت قبيل هجوم روسي واسع النطاق.
هجمات روسية
وشهدت العاصمة الأوكرانية كييف قصفا روسيا مكثفا خلال الليل، أسفر عن مقتل 4 أشخاص على الأقل، وفق ما أعلنه رئيس بلدية المدينة فيتالي كليتشكو. وأفادت السلطات بأن الهجوم شمل أكثر من 400 طائرة مسيّرة و40 صاروخا باليستيا، وأدى إلى أضرار في البنية التحتية، من بينها خطوط مترو الأنفاق ومبانٍ سكنية.
من جهتها، أشارت شركة السكك الحديد الوطنية إلى وقوع أضرار في المنطقة مما يؤثر على حركة القطارات الوافدة إلى ضاحية كييف الجنوبية.
وخارج العاصمة طال القصف الروسي واسع النطاق مناطق عدة.
ففي لوتسك غرب البلاد قرب الحدود مع بولندا "دمر هجوم واسع بمسيّرات وصواريخ" مبنى سكنيا "بشكل جزئي"، مما أدى إلى وقوع 5 جرحى، وفق ما أفاد قائد الإدارة العسكرية في المنطقة إيفان رودنيتسكي عبر تليغرام.
وفي الغرب أيضا تعرضت منطقة ترنوبل "لهجوم جوي هو الأوسع حتى الآن" مع "ضربات عدة" وفق ما قال قائد الإدارة العسكرية للمنطقة فياتشيسلاف نيغودا. وأفاد لاحقا بوقوع 5 جرحى.
تحرك دبلوماسي حاسم
من جهته، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبر منصاته الرسمية إلى "محاسبة روسيا"، مطالبا الولايات المتحدة وأوروبا بـ"التحرك لوقف الحرب". كما شدد وزير الخارجية الأوكراني على ضرورة "زيادة الضغط الدولي على موسكو".
وفي المقابل، قال الكرملين اليوم الجمعة إن النزاع في أوكرانيا "قضية وجودية" بالنسبة إلى روسيا، وإن هجومها سيقرر "مستقبل" البلاد، بعدما شبه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحرب بين موسكو وكييف بشجار طفلين.
وقال الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف في مؤتمر صحفي "بالنسبة إلينا إنها قضية وجودية، قضية تتعلق بمصلحتنا الوطنية وأمننا ومستقبلنا ومستقبل أطفالنا وبلدنا".
إعلان
وفي ظل هذا التصعيد، لم تُحرز الجهود الدبلوماسية تقدما ملموسا، رغم جولتي مفاوضات في إسطنبول بوساطة تركية. وتبادلت موسكو وكييف الاتهامات بتقويض فرص السلام.
وخلال الاجتماع الثاني الذي عُقد الاثنين الماضي، بوساطة تركية، قدم الوفد الروسي قائمة مطالب للأوكرانيين، تطالب بـ"انسحاب كامل" للجيش الأوكراني من 4 مناطق أعلنت موسكو ضمها، وبـ"حياد" أوكرانيا التي تسعى للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وندّد الرئيس الأوكراني أول أمس الأربعاء بهذه الشروط، معتبرا أنها "إملاءات" غير مقبولة.
ولم تؤد الجهود الدبلوماسية سوى إلى الإعلان عن أن أوكرانيا وروسيا ستجريان في نهاية هذا الأسبوع عملية تبادل جديدة لـ500 أسير حرب من كل جانب، بعدما سبق أن تبادلتا ألف أسير من كل جانب في مايو/أيار الماضي. كذلك اتفقت كييف وموسكو على تبادل جثث آلاف العسكريين.
0 تعليق