يُعتبر مشعر عرفات من أهم المشاعر المقدسة وأبرز محطات الحج، حيث لا يصح الحج إلا بالوقوف فيه، مما يجعله الركن الأعظم للحج.
ويقع مشعر عرفات على بعد نحو 18 كيلومتراً من المسجد الحرام، و10 كيلومترات من مشعر منى، و6 كيلومترات من مشعر مزدلفة.
ويمتد المشعر على مساحة واسعة تقارب ميلين في الطول والعرض، وهو سهل منبسط تحيط به سلسلة من الجبال على شكل قوس، ويتميز بهدوئه حيث لا تقام فيه إقامة أو مبيت دائم.
يحمل مشعر عرفات أهمية دينية عميقة، إذ وقف عليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وألقى خطبته الشهيرة التي أسست المبادئ الكبرى لحقوق الإنسان.
على مر القرون، شهد عرفات تجمعات الحجاج وسط ظروف متباينة من حيث الخدمات ووسائل النقل، حيث كانت الخيام المؤقتة تُنصب ويستخدم الحجاج وسائل تنقل تقليدية، مما جعل المشقة جزءاً من الرحلة الروحية.
لكن العقود الأخيرة شهدت نقلة نوعية غير مسبوقة بفضل مشاريع تطويرية ضخمة تنفذها الحكومة السعودية ضمن رؤية المملكة 2030.
من بين هذه المشاريع، نفذت شركة كِدانة للتنمية والتطوير مشروع تظليل وتطوير ساحة مسجد نمرة، حيث تم تظليل 85 ألف متر مربع بواسطة 320 مظلة و350 عمود رذاذ، بالإضافة إلى تشجير المنطقة.
كما تم تخصيص 60 ألف متر مربع لتظليل وتبريد مسارات المشعر، مع تزويدها بمراوح رذاذ لتخفيف حرارة الشمس المباشرة.
ويشهد المشعر حضوراً مكثفاً للجهات الحكومية من مختلف القطاعات الأمنية والطبية والبلدية، حيث يعمل مستشفى جبل الرحمة، وعدد من المراكز الصحية والنقاط الإسعافية لاستقبال الحالات الطارئة وتقديم الرعاية الفورية.
كما تم دعم عرفات بأنظمة إلكترونية لمراقبة الحشود والتحكم بالحركة، إلى جانب فرق للتوعية والإرشاد، وترجمة خطبة عرفة إلى 34 لغة، وتطبيقات ذكية تساعد الحجاج في تحديد مواقعهم ومواعيد التفويج والتنقل.
يُعتبر جبل الرحمة، الذي يتوسط المشعر، معلماً بارزاً ذا رمزية خاصة، كما يُعد مسجد نمرة من أبرز المعالم الإسلامية في عرفات، إذ يستوعب أكثر من 350 ألف مصلٍ لأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً.
ويمتد المسجد على مساحة 110 آلاف متر مربع، ويضم 6 منارات بارتفاع 60 متراً، و3 قبب، و10 مداخل رئيسية تحتوي على 64 باباً، مع تجهيزات مكيفة تشمل 610 مكيفات دولابية و59 وحدة هواء متجدد و185 مروحة رذاذ في ساحاته.
ويشمل المسجد 37 كاميرا داخلية و35 كاميرا خارجية للمراقبة، إلى جانب 700 دورة مياه للرجال و300 للنساء، ويعمل فيه أكثر من 176 فنيًا وعاملاً خلال ذروة موسم الحج.
كل هذه الجهود تهدف إلى توفير بيئة آمنة ومريحة لضيوف الرحمن، مما يعكس حرص المملكة على خدمة الحجاج وتسهيل أداء مناسكهم بكل يسر وأمان.
0 تعليق