السفير الهولندي لـ «الجريدة.»: تجربتي بالكويت مليئة بالدفء والفرص - هرم مصر

الجريدة الكويتية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف


بعد أكثر من خمس سنوات قضاها في الكويت، يودّع السفير الهولندي لدى البلاد، لورنس ويستهوف، منصبه حاملاً معه ذكريات غنية وتجارب مميّزة بدأت في عزّ جائحة كورونا، وانتهت بروابط إنسانية عميقة وشعور بالانتماء لوطن ثانٍ. وأكد ويستهوف، في حوار خاص مع «الجريدة»، أن الكويت، بما تتمتع به من دفء الضيافة وسهولة التواصل، تُعد من أفضل البيئات لأي دبلوماسي، كاشفاً عن أكثر ما سيحنّ إليه بعد مغادرته، ونصائحه لخلفه، ورسالته الوداعية للشعب الكويتي. وأوضح أنه سيخلفه في الكويت دبلوماسي هولندي رفيع الخبرة، يتمتع بمسيرة طويلة ومتميزة وفهم راسخ للشرق الأوسط، مشيراً إلى أنه ستخدمه خبرته المهنية ومعرفته الإقليمية بشكل جيد هنا في الكويت... وفيما يلي نص اللقاء.

• أكثر من خمس سنوات قضيتها في الكويت، حدّثنا عن هذه الرحلة.

- وصلت إلى الكويت في ذروة جائحة كورونا، وهي فترة كانت القيود فيها صارمة والتفاعلات الشخصية شبه مستحيلة. خلال السنة والنصف الأولى، كان معظم عملي وتفاعلاتي الاجتماعية يتم افتراضياً، مما جعل من الصعب بناء روابط وتجربة الحياة في الكويت بشكل كامل.

ومع تخفيف القيود تدريجياً وبدء عودة الحياة إلى طبيعتها، تمكنت أخيراً من لقاء الناس وجهاً لوجه، على الصعيدين المهني والاجتماعي. وقد شكّل ذلك نقطة تحوّل في رحلتي، حيث بدأت بلقاء المسؤولين والزملاء وأعضاء المجتمع، وبدأت أتلقى دعوات لمجموعة متنوعة من الفعاليات.

على مرّ السنوات، حظيت بامتياز تجربة الضيافة الكويتية الدافئة عن قرب، سواء في التجمعات الثقافية أو المناسبات الرسمية أو اللقاءات غير الرسمية. هذه اللقاءات لم تُثرِ حياتي المهنية فحسب، بل عمّقت أيضاً تقديري للتقاليد الكويتية والكرم والانفتاح.

وعند النظر إلى الوراء، كانت سنواتي الخمس هنا رحلة استثنائية، بدأت من العزلة، وصولاً إلى الروابط ذات المعنى، تميّزت بالنمو الشخصي، والعلاقات الأقوى، والشعور الحقيقي بالانتماء.

الدفء والانفتاح

• بعض الدبلوماسيين صرّحوا بأن الكويت هي أفضل بلد لأي دبلوماسي... هل توافق على هذا القول، وماذا أضافت لك هذه التجربة؟

- إحدى أكثر الصفات اللافتة في الكويت هي سهولة الوصول الاجتماعي، الثقافة هنا مرحِّبة حقاً، وهناك تقليد عريق في الضيافة يمتد إلى الجميع، وخاصة لأعضاء السلك الدبلوماسي. بالنسبة للدبلوماسي، فإن هذه الدفء والانفتاح لا يقدّران بثمن، فهما يسهّلان بناء الثقة، والانخراط في حوار هادف، وإقامة شراكات حقيقية.

في الكويت، الأمر لا يتعلق فقط بالبروتوكول الرسمي، بل ببناء روابط إنسانية حقيقية، وهذا هو جوهر الدبلوماسية، فماذا يمكن أن يتمنى الدبلوماسي أكثر من ذلك؟

3 أشياء سأفقدها

• ما الأشياء التي ستفتقدها أكثر في الكويت؟

- يمكن تلخيص أكثر ما سأفتقده في الكويت في ثلاثة أشياء: الناس، و«الأفنيوز»، والشمس.

أولاً، وقبل كل شيء، سأفتقد الناس، الدفء، والضيافة، والانفتاح التي اختبرتها هنا فريدة حقاً، من الزملاء والمسؤولين إلى الأصدقاء الذين كوّنتهم طوال فترة عملي، هناك إحساس حقيقي بالمجتمع يجعل الكويت تبدو كأنها وطن ثانٍ.

ثانياً، «الأفنيوز»، الذي هو أكثر من مجرد مركز تسوق، بل هو مركز اجتماعي يلتقي فيه أشخاص من جميع مناحي الحياة ليتحدثوا ويتشاركوا اللحظات. بالنسبة لي، كان مكاناً لأختبر التنوع والحيوية في الحياة بالكويت.

وبالطبع، الشمس، آتياً من أماكن يمكن أن تطول فيها فصول الشتاء ويغلب عليها الطقس الرمادي، سأفتقد الاستيقاظ على سماء صافية ومشرقة في معظم الأيام، لأشعة الشمس هنا طريقة خاصة في رفع المعنويات وجعل الحياة أكثر تفاؤلاً.

صداقات لا تُحصى

• خلال هذه السنوات، كم عدد الكويتيين الذين أصبحوا أصدقاء لك؟

- كوّنت صداقات لا تُحصى هنا على مرّ السنوات، مع أشخاص من خلفيات وثقافات ومهن مختلفة. بعضهم التقيت بهم من خلال مهام رسمية، وآخرون من خلال لقاءات عابرة في الفعاليات الاجتماعية أو حتى في المواقف اليومية. ما يميّز الكويت هو مدى سهولة التواصل مع الناس، فطبيعة المجتمع المنفتحة تجعل تكوين الصداقات يحدث بشكل طبيعي وسريع غالباً.

خبرة طويلة

• من سيحل مكانك، وما هي نصيحتك له؟

- سيخلفني دبلوماسي هولندي رفيع الخبرة، يتمتع بمسيرة طويلة ومتميزة وفهم راسخ للشرق الأوسط، ستخدمه خبرته المهنية ومعرفته الإقليمية بشكل جيد هنا في الكويت.

نصيحتي له بسيطة لكنها نابعة من القلب: استمتع بالكويت إلى أقصى حد، بشعبها، وثقافتها، وتاريخها. خذ الوقت لتجربة الدفء والضيافة الحقيقية التي يشتهر بها الكويتيون. انخرط ليس فقط على المستوى الرسمي، بل اجتماعياً أيضاً، لأن بعض الروابط الأكثر عمقاً هنا تتشكل خارج الأطر الرسمية.

دولة غنية بالثقافة

• هل تشجع الكويتيين على زيارة بلدك، ولماذا؟

- نعم، أشجع الكويتيين بشدة على زيارة هولندا. إنها دولة غنية بالثقافة والتاريخ والجمال، وتقدم شيئاً لكل نوع من المسافرين. متاحفنا مشهورة عالمياً، وتضم روائع لفنانين مثل رامبرانت وفان جوخ وفيرمير، أسماء شكّلت تاريخ الفن. الوقوف أمام هذه الأعمال تجربة لا يمكن للصور أن تنقلها.

هولندا أيضاً بلد سهل الاستكشاف. في بضعة أيام فقط، يمكنك رؤية مجموعة متنوعة مذهلة من المعالم، إنها وجهة مثالية لعشاق الفن، والتاريخ، والطبيعة، والأجواء المريحة والحيوية في آن واحد.

رسالة أخيرة

• ما رسالتك الأخيرة للكويتيين؟

- أود أن أشكر جميع الكويتيين والمقيمين فيها على خمس سنوات لا تُنسى. ومع انتقالي إلى الفصل التالي من حياتي، أتمنى لكم جميعاً استمرار النجاح، والصحة الجيدة، والسعادة، وأدعو أن تواصل الكويت الازدهار، وأن تبقى منارة للضيافة والغنى الثقافي في المنطقة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق