الانزلاقات الأرضية واحدة من أكثر الكوارث الطبيعية فتكا وإثارة للرعب، إذ تضرب المناطق بشكل مفاجئ وتحوّل القرى والمدن إلى أطلال في لحظات. ولا تكتفي بجرف التربة والصخور، بل تبتلع المنازل والبنى التحتية وتُخلّف وراءها عشرات الضحايا والمشرّدين.
شهد العالم سلسلة من الانزلاقات المدمرة التي ارتبطت بالزلازل والبراكين والأمطار الموسمية الغزيرة، من الصين إلى كولومبيا، ومن فنزويلا إلى الفلبين، وصولا إلى الولايات المتحدة وبابوا غينيا الجديدة والهند والسودان.
وفيما يلي لمحة عن بعض الانزلاقات التي شهدتها مختلف المناطق حول العالم:
انزلاقات هاييوان-الصين 1920
في 16 ديسمبر/كانون الأول 1920، تعرضت مقاطعة هاييوان في الصين لزلزال مدمر بلغت قوته ما بين 8.3 و8.5 درجات على مقياس ريختر. ورغم أن قوة الزلزال وحدها كانت كفيلة بإحداث دمار واسع، فإن الكارثة الكبرى جاءت من الانزلاقات الأرضية الهائلة التي تلت الهزة.
ضربت هذه الانزلاقات رواسب "اللويس" الهشة، وهي تربة ناعمة وخصبة لكنها شديدة القابلية للانهيار عند تعرضها للزلازل أو الأمطار. وأسفرت عن مقتل ما يقارب 100 ألف شخص من بين نحو 234 ألف ضحية إجمالية للزلزال، وصُنفت بأنها واحدة من أكثر الكوارث الأرضية دموية.
انزلاقات بركان نيفادو ديل رويز-كولومبيا عام 1985
في مساء 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1985، تسببت ثورة بركان نيفادو ديل رويز شمال وسط كولومبيا بواحدة من أعنف الانزلاقات الطينية في القرن العشرين.
ففي أقل من ثلاث ساعات، اندفع "لاهار" (وهو مصطلح في علم البراكين مشتق من اللغة الإندونيسية ويعني خليطا مدمرا من الطين والجليد والصخور والحمم البركانية) مسافة تجاوزت 60 ميلا، جارفا في طريقه مدنا وبلدات بأكملها.
كانت مدينة تشينشينا أولى المناطق المتضررة، فقد لقي 1100 شخص حتفهم. أما الكارثة الكبرى فحلّت بمدينة أرميرو، التي اجتاحها الطين البركاني بشكل مفاجئ، وأسفر عن مقتل ثلاثة أرباع سكانها تقريبا، من أصل نحو 29 ألف نسمة.
في المجمل، أودت الانزلاقات الطينية الناتجة عن البركان بحياة أكثر من 23 ألف شخص، وأصابت ما يزيد عن 5 آلاف آخرين، إضافة إلى تدمير حوالي 5 آلاف منزل.
انزلاقات فارغاس- فنزويلا 1999
في ديسمبر/كانون الأول 1999، تسببت أمطار غزيرة استمرت عشرة أيام في شمال فنزويلا بحدوث انزلاقات طينية مدمرة اجتاحت المناطق الجبلية، بما في ذلك ولاية فارغاس والمناطق الساحلية المحيطة.
إعلان
دُمرت نحو 100 كيلومتر من الساحل بالكامل، فيما غمرت السيول الطينية القرى والمناطق المأهولة، محدثة دمارا واسعا.
بلغت الكارثة ذروتها في 16 ديسمبر/كانون الأول، إذ أحدثت الأمطار الغزيرة فيضانات مصاحبة للانزلاقات، مما أدى إلى أضرار ومعاناة إضافية للسكان. وتدخل الجيش لإجلاء نحو 190 ألف شخص وتقديم المساعدات لهم.
على الرغم من جهود الإغاثة، فقد لقَى ما بين 10 آلاف و30 ألف شخص حتفهم نتيجة الانزلاقات والسيول، وكان الفقراء الأكثر تأثرا، إذ جرفت السيول والأوحال العديد من مساكنهم وأحيائهم.
انزلاق غوينساوغون-الفلبين 2006
في 17 فبراير/شباط 2006، اجتاح انهيار أرضي ضخم قرية غوينساوغون جنوب الفلبين، مما أدى إلى دفن القرية كاملة وفقدان أكثر من نصف سكانها. وتباينت التقارير عن عدد الضحايا، إذ تراوحت بين 1126 وأكثر من 1800 شخص.
وبحسب التقارير الرسمية، فقد ساهم زلزال طفيف بقوة 2.6 درجة على مقياس ريختر في تحفيز الانهيار، لكن العوامل الرئيسية التي زادت من شدته كانت أمطارا غزيرة استمرت 10 أيام وهشاشة الصخور الأساسية، وشدة الميل الطبوغرافي للمنطقة.
وأوضحت وزارة البيئة والموارد الطبيعية الفلبينية أن الصخور في المنطقة كانت متكسرة ومجزأة، مما جعلها شديدة القابلية للتآكل، وأن تراكم المياه في الشقوق بفعل الأمطار أدى إلى انزلاق الكتل الصخرية وانجرافها أسفل المنحدر، محدثة هذه الكارثة المدمرة.
انزلاقات أوسو-واشنطن 2014
في صباح 22 مارس/آذار 2014، شهدت بلدة أوسو في منطقة واشنطن الأميركية واحدة من أكثر الانهيارات الأرضية دموية في تاريخ الولايات المتحدة. فقد اندفع انزلاق طيني ضخم نتيجة تشبّع التربة بالمياه، واجتاح منطقة مأهولة بالسكان، مما أسفر عن تدمير حي كامل في لحظات.
أدى الانهيار إلى مقتل 43 شخصا، فيما سُوّي أكثر من 40 مبنى بالأرض، وشهدت المنطقة قبل الانزلاق هطولا استثنائيا للأمطار ناهز 400 مليمتر في غضون 3 أسابيع فقط، مما جعل التربة مشبعة بالمياه وفاقدة لتماسكها.
انزلاقات بابوا غينيا الجديدة
في مايو/أيار 2024 لقي أكثر من 670 شخصا حتفهم نتيجة انهيار أرضي ضخم اجتاح قرية كاوكالام في مقاطعة إنجا، على بعد نحو 600 كيلومتر شمال غرب العاصمة بورت مورسبي في بابوا غينيا الجديدة.
وأسفر الانهيار عن دفن أكثر من 150 منزلا، واستمرت التربة في الانزلاق مدة تجاوزت 48 ساعة، مما زاد من حجم الدمار والخطر على السكان المحليين.
انزلاقات أرضية جنوب إثيوبيا
في يوليو/تموز 2024 تسببت انزلاقات أرضية في منطقة غيزي غوفا جنوبي إثيوبيا بمصرع أكثر من 262 شخصا، وذلك إثر انزلاق أكوام من الطين على 6 منازل طمرتها كلها، وبعد أن هرع سكان المنطقة لإنقاذ الضحايا حدث انزلاق آخر فاقم الحصيلة.
انزلاقات في الهند
لقي نحو 69 شخصا مصرعهم وأصيب 110 آخرون جراء فيضانات وانزلاقات تربة سببتها أمطار موسمية غزيرة اجتاحت منطقة الهيمالايا شمالي الهند في الرابع من يوليو/تموز 2025.
وتشهد الهند سنويا مع بداية موسم الأمطار خسائر بشرية فادحة، إذ تتسبب الفيضانات والانزلاقات الأرضية في مصرع عشرات الأشخاص بمناطق مختلفة من البلاد.
انزلاق أرضي بإقليم دارفور
في يوم 31 أغسطس/آب 2025، لقي أكثر من ألف شخص مصرعهم في انزلاق أرضي ضخم ابتلع قرية بأكملها في إقليم دارفور غرب السودان، في واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في التاريخ الحديث للبلاد، بحسب ما أعلنته حركة جيش تحرير السودان التي تسيطر على المنطقة.
إعلان
أدت تلك الانزلاقات إلى دمار كامل لقرية ترسين شرق جبل مرة، بالقرب من منطقة سوني، ومصرع سكانها، الذين يُقدر عددهم بأكثر من ألف من الرجال والنساء والأطفال، لم ينجُ منهم سوى شخص واحد.
0 تعليق