ديانا جرار
Published On 3/9/20253/9/2025
|آخر تحديث: 11:12 (توقيت مكة)آخر تحديث: 11:12 (توقيت مكة)
قال محللون إن الحكومة الإسرائيلية، المدعومة من التيار الديني القومي، تمضي بقوة نحو ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية وعلى رأسها منطقة غور الأردن، مضيفين أن هذه الخطوة تحظى بغطاء أميركي ضمني وتستند إلى دوافع أيديولوجية وأمنية.
وأكدوا في -تصريحات للجزيرة نت- أن الضم يمثل في الوقت نفسه انتهاكا صارخا للقانون الدولي، ويقوّض حل الدولتين، ويضع السلطة الفلسطينية أمام مأزق وجودي، فضلا عن أنه سيلقي أعباء ثقيلة على المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
وفي تحركات إسرائيلية، وجّه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو -المطلوب قضائيا لمحكمة العدل الدولية– وزراءه بعدم الحديث عن سعي إسرائيل لفرض السيادة على الضفة الغربية المحتلة، و"التكتم" على الأمر، خوفا من تراجع الرئيس الأميركي عن دعم هذه الخطة.
وقالت صحيفة "معاريف" مساء أمس الثلاثاء إنه "من المتوقع أن يعقد نتنياهو اجتماعا سياسيا أمنيا، يتم فيه بحث إمكانية فرض السيادة في يهودا والسامرة (التسمية اليهودية للضفة الغربية)، وكذلك خطوات ردّ ضد والدول الداعمة لهذه الخطوة".
وكان من المقرر في البداية عقد الاجتماع في مكتب نتنياهو مساء أمس، على خلفية اعتزام عدد من الدول الغربية الاعتراف بدولة فلسطين، لكن لاحقا تقرر تأجيله، وفق المصدر ذاته، دون إبداء أسباب أو إعلان موعد جديد.

ضم مدعوم
ونقل موقع "والا" الإسرائيلي عن مصادر خاصة أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أبلغ نظيره الأميركي ماركو روبيو، خلال لقائهما الأخير في واشنطن أن إسرائيل تتحرك بهدوء نحو فرض سيادتها على الضفة الغربية.
وبناء على هذه التطورات، قال الباحث في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد للجزيرة نت إن حكومة نتنياهو تسعى لمصادقة مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر (الكابنيت) على قرار ضم غور الأردن الذي يشكل نحو 30% من مساحة الضفة الغربية، موضحا أن "الموافقة الأميركية غير المعلنة تعني سيطرة إسرائيل على 90% من المنطقة إذا تم الضم".
إعلان
وأضاف أن دوافع هذه الخطوة أيديولوجية وأمنية، إذ ترى إسرائيل في غور الأردن والكتل الاستيطانية الكبرى مناطق إستراتيجية لا يمكن التنازل عنها، مشيرا إلى أن الهدف هو "منع الفلسطينيين من التقاط أنفاسهم أو بناء دولتهم".
انتهاك للقانون الدولي
وتأتي تحركات الاحتلال الإسرائيلي لمزيد من التوسع على حساب الأراضي الفلسطينية في الوقت الذي يستمر عدوانه على الضفة الغربية، حيث أسفر حتى الآن عن استشهاد أكثر من 1016 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال ما يزيد عن 18 ألفا و500، وفق إحصاءات فلسطينية.
وعن قانونية هذه الانتهاكات، يقول أستاذ القانون الدولي بالجامعة العربية الأميركية رائد بدوية إن الضم يُعد "انتهاكا صارخا لمبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة وفق ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار رقم 242″.
وفي تصريحات للجزيرة نت، أكد أبو بدوية أن أي خطوة بهذا الاتجاه ستضع إسرائيل في مواجهة التزاماتها الدولية وتعرضها للمساءلة أمام محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية.
وأضاف أستاذ القانون الدولي أن أكثر من 3 ملايين فلسطيني سيجدون أنفسهم في حالة غموض وجودي، مرجحا أن تتوسع إسرائيل في سياسات التهجير القسري، سواء بالقوة العسكرية أو عبر التضييق الاقتصادي والإداري. مشيرا إلى أن الضم سيغلق عمليا الباب أمام أي حديث جدي عن حل الدولتين، ويفرض واقع الدولة الواحدة غير المتساوية.

السلطة الفلسطينية
وأجمع المحللون الذين التقهم الجزيرة نت على أن مشروع الضم سيضع السلطة الفلسطينية أمام أزمة وجودية، إذ ستتراجع من كيان سياسي إلى جهاز إداري محدود الصلاحيات ويخدم مصالح الاحتلال فقط.
فالباحث في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد قال إن السلطة تحولت بالفعل إلى "سلطة إدارية" تتحمل أعباء الاحتلال في مجالات الصحة والتعليم.
في حين أوضح أبو بدوية أنها ستنحصر في إدارة الشؤون المدنية اليومية من دون أي بعد سياسي أو سيادي، الأمر الذي يقوّض مشروعها الوطني.
أما الخبير الأمني والعسكري أسامة خالد فيرى أن السلطة الفلسطينية باتت عمليا "في حكم الكيان المفكك"، وأنها ستعمل تحت إشراف الحاكم العسكري الإسرائيلي في حال المضي قدما بخطط الضم.

استنزاف أمني
وعن تداعيات الضم، قال خالد للجزيرة نت إن الضم سيترك تداعيات كبيرة على المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، موضحا أن جيش الاحتلال سيواجه استنزافا في الموارد البشرية والمادية، إلى جانب ضغوط إضافية على خطط الطوارئ وحجم التجنيد، خاصة مع استمرار الحرب على غزة والتصعيد على جبهات أخرى.
وأضاف خالد أن هذه الأعباء تبدو ثانوية في نظر إسرائيل التي تمارس "اللامبالاة السياسية"، مستفيدة من الغطاء الأميركي والغربي وصمت العالمين العربي والإسلامي، بما يتيح لها فرض واقع أمني وسياسي جديد وترجمته إلى شرعية لاحقة.
وفي يوليو/تموز الماضي، أقر الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون يدعم "فرض السيادة" على الضفة الغربية التي تحتل إسرائيل أجزاء منها، ويوجد فيها نحو 700 ألف مستوطن إسرائيلي.
إعلان
0 تعليق