إسرائيل تسابق الزمن لـ"تصفية" القضية الفلسطينية بدعم أميركي - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

القدس المحتلة- تشهد الساحة الفلسطينية الإسرائيلية مرحلة فارقة تتسم بمحاولات إسرائيلية ممنهجة لفرض وقائع ميدانية وسياسية تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وقطع الطريق نهائيا على أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة.

ففي ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة، التي تأخذ طابعا إباديا وفق توصيف منظمات حقوقية، تتحرك حكومة بنيامين نتنياهو -المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- بخُطا متسارعة نحو تعميق المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية، مقرونا بمساع لإعلان ما يسمى "فرض السيادة" عليها، أي الضم الفعلي.

وتجد هذه السياسات الإسرائيلية غطاء سياسيا ودبلوماسيا كاملا من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي تشكل شريكا مباشرا في بلورة وتنفيذ إستراتيجية نتنياهو.

انحياز مطلق

وتترجم تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، بشأن قرب إعلان الضم هذا التوجه، من مستوى التخطيط إلى مستوى القرار السياسي المعلن.

وتعكس المبادرة الفرنسية الداعية للاعتراف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة تنامي القناعة الأوروبية بأن إسرائيل ماضية في نسف حل الدولتين.

من جهتها، تتحرك إسرائيل دبلوماسيا على أكثر من جبهة لعرقلة هذه الخطوات، غير أن المعضلة الأوروبية تكمن في غياب أدوات ضغط فاعلة على تل أبيب، مما يجعل اعترافا رمزيا بالدولة الفلسطينية غير قادر بمفرده على تغيير المسار الميداني، بحسب التحليلات الإسرائيلية.

وحيال ذلك، تجمع القراءات الإسرائيلية أن قرار واشنطن منع الرئيس محمود عباس من المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ليس معزولا، بل يأتي في سياق تحركات منسقة مع تل أبيب تهدف إلى تقويض مكانة السلطة الفلسطينية دوليا وإضعافها داخليا، تمهيدا لإفراغها من أي دور سياسي.

وبحسب التحليلات الإسرائيلية، فإن السياسة الأميركية الحالية تتجاوز مجرد الانحياز التقليدي لإسرائيل، إذ باتت تمثل:

إعلان

شراكة كاملة في صياغة المشروع الإسرائيلي. الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. شرعنة الاستيطان. محاصرة القيادة الفلسطينية دبلوماسيا.
التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس السيناتور الأميركي ليندسي غراهام، إلى جانب سيندي ماكين المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، جاء اللقاء في سياق الاتصالات المستمرة بين تل أبيب وواشنطن، بشأن مستقبل غزة مكتب الصحافة الحكومي
نتنياهو التقى بالقدس السيناتور الأميركي ليندسي غراهام حيث يتواصل الدعم الأميركي لإسرائيل (مكتب الصحافة الحكومي)

تحديات وتوترات

وتتوافق قراءات المحللين فيما بينها أن السياسات الأميركية الداعمة لإسرائيل تشكل مظلة إستراتيجية تمكن نتنياهو من المضي في خطواته دون خشية من عزلة دولية أو ضغوط عقابية مؤثرة.

وقدّر المحلل السياسي عكيفا إلدار، أن سياسات حكومة نتنياهو تجاه القضية الفلسطينية، سيكون لها انعكاسات على الداخل الإسرائيلي، إذ سيوظف نتنياهو ملف الضم لتعزيز شرعيته أمام قاعدته اليمينية، ولصرف الأنظار عن أزماته القضائية ومحاكمته بملفات فساد.

وأوضح إلدار في مقال له في صحيفة "هآرتس" أن الضم يشكل تحديات أمنية لكونه يفتح الباب أمام انفجار جديد في الضفة الغربية، ويضاعف من احتمالات اتساع رقعة المواجهة الفلسطينية، وهو ما يثقل كاهل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

ويعتقد أن أي إجراءات ضم رسمية قد تعرّض إسرائيل لمقاطعات اقتصادية أوروبية محتملة، الأمر الذي يثير قلق الأوساط الاقتصادية الإسرائيلية التي تعتمد على الأسواق العالمية والانفتاح الغربي والاستثمارات الأجنبية.

ولا يستبعد إلدار أن يكون لهذه الإجراءات توترات مجتمعية، بسبب وجود تيارات إسرائيلية تُحذر من أن هذه السياسات قد تضع إسرائيل في مواجهة عزلة دولية شاملة، خاصة إن تغيرت الإدارة الأميركية.

تواصل إسرائيل توسيع مستوطنة
إسرائيل تبني مستوطناتها كمستوطنة حريش على حدود الرابع من يونيو/حزيران مانعة قيام أي دولة فلسطينية (الجزيرة)

مخاطر السيادة

ويهدف استمرار العمليات العسكرية المكثفة ضد القطاع إلى استنزاف قدرات فصائل المقاومة وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) على وجه الخصوص من جهة، وإلى إبقاء غزة في حالة انهيار دائم يعمق الانقسام الفلسطيني الداخلي من جهة أخرى، بحسب تقدير موقف لحركة "السلام الآن".

وتضعِف هذه السياسة الإسرائيلية -يقول المتحدث باسم كتلة "السلام الآن" آدم كلير، في بيان- أي إمكانية لبلورة مشروع وطني فلسطيني موحد، وتعيد رسم موازين القوة على نحو يخدم مشروع الضم.

ولفت إلى أن توسيع المستوطنات وتسريع وتيرة البناء في الضفة الغربية يشكلان الركيزة الأساسية لخطة فرض السيادة، وذلك عبر خلق وقائع ديمغرافية وجغرافية جديدة، تسعى من خلالها إسرائيل إلى تقويض الأساس المادي لأي دولة فلسطينية مستقبلية.

ويعتقد أن إسرائيل تعمل على استثمار لحظة تاريخية نادرة تتسم بضعف الموقف الأوروبي والانحياز الأميركي المطلق، لفرض مشروعها الهادف لتصفية القضية الفلسطينية وتحويل الاحتلال إلى واقع قانوني ودولي مقبول بحكم الأمر الواقع.

بيد أن هذه الإستراتيجية، يقول كلير "رغم ما تحققه من مكاسب آنية، تحمل في طياتها مخاطر بنيوية على المدى البعيد"، سواء من حيث احتمالات الانفجار الأمني في الأراضي المحتلة، أو من حيث تهديد مكانة إسرائيل الدولية إذا ما تبدلت موازين القوى العالمية.

تحرك مزدوج

من جانبه، أوضح المحلل السياسي ومراسل البيت الأبيض في صحيفة "يسرائيل هيوم"، أرييل كهانا، أن هناك تحركا منسقا بين واشنطن وتل أبيب لمواجهة أي مسعى للدول الغربية للاعتراف بدولة فلسطين.

إعلان

ويشمل هذا التحرك منع مشاركة الرئيس عباس في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إضافة لسحب تأشيرات دخول قيادات فلسطينية إلى الولايات المتحدة.

ويُنظر إلى هذه الخطوة، يقول كهانا "على أنها البداية ضمن سلسلة تحركات تصعيدية تهدف إلى تقويض السلطة الفلسطينية"، ردا على نية بعض الدول الغربية الاعتراف بفلسطين.

وأشار كهانا إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي بحث في واشنطن مع نظيره الأميركي إجراءات إضافية ضد السلطة الفلسطينية، تشمل سحب التأشيرات، وإمكانية حصول إسرائيل على موافقة أميركية للقيام بخطوات تتعلق بفرض "السيادة الإسرائيلية" في الضفة الغربية، في إشارة واضحة إلى مسألة الضم.

نتنياهو يشير إلى خريطة قطاع غزة وتحديدا إلى موقع غزة، حيث أعد الجيش خطة لاحتلال المدنية مكتب الصحافة الحكومي
نتنياهو يشير إلى خريطة قطاع غزة التي أعد الجيش خطة لاحتلالها (مكتب الصحافة الحكومي)

أميركا تعارض

وتأتي هذه الخطوات في مواجهة توجهات دولية، بينها فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا، التي تدرس إعلان اعترافها بالدولة الفلسطينية خلال الدورة المقبلة للجمعية العامة أواخر شهر سبتمبر/أيلول الجاري، بينما قد تؤجل بعض الدول إعلان موقفها إلى موعد لاحق.

ووفقا لكهانا، فإن المبرر الأميركي لسحب التأشيرات يتمثل في "دعم قادة منظمة التحرير للتحريض وتمويل الإرهاب"، مضيفا أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، يعارض بشدة مبادرة الاعتراف ويعمل على إفشالها.

وأشار المحلل كهانا إلى أن منع حضور عباس لن يعرقل الاعتراف الأحادي بفلسطين بشكل كامل، لكنه سيقلل من تأثير الاحتفال الدولي الذي بادر إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وانضم إليه عدد من القادة الغربيين.

وأوضح كذلك، أن إدارة ترامب تولي أهمية بالغة لقطاع غزة، وترى أن إسرائيل يجب أن تلعب دورا حاسما في تحويله إلى "مرحلة جديدة".

وفي هذا الإطار، يقول كهانا "تكلف تل أبيب، بما فيها الجيش الإسرائيلي، بمهمة القضاء على حماس لضمان عدم مشاركتها في المرحلة المقبلة"، بما يتوافق مع رؤية الإدارة الأميركية حول إعادة تشكيل الواقع في غزة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق