- هل هناك قلق على الأسرار العسكرية والمواقع الميدانية خلال المناورات المشتركة؟
- لماذا تم اختيارُ قاعدة محمد نجيب لاستضافة أكبر تدريب عسكري في الشرق الأوسط؟
- ما دلالة مشاركة 46 دولة ومنظمة عسكريًّا ودبلوماسيًّا على مكانة مصر الإقليمية والدولية؟
- ما قائمة المكاسب الميدانية والتقنية؟ وما رسائل الردع والإشارات السياسية التي تبعثها القاهرة؟
- كيف تسهم التدريبات المشتركة في تعزيز جاهزية مصر لمواجهة تهديدات المستقبل في الشرق الأوسط؟
ستسأل نفسك، وربما يسألك أحدهم (بحسن نية أو بسوئها): ما الفائدة التي ستعود علينا من مناورات «النجم الساطع 2025»؟ وكيف نشارك الأمريكان في المناورات، وهم يواصلون سياساتهم المنحازة لإسرائيل؟ ولماذا نُطلع قواتهم على أسرارنا القتالية، ومواقعنا العسكرية، خاصة التي تستضيف مراحل المناورات، متعددة الأنشطة ومسارح العمليات؟ وهل هناك أي مكاسب تجبرنا على ذلك؟!
إذا لاحظ سائلك ملامح الدهشة على وجهك، قد يبادرك بجملة أسئلة أخرى من عينة: ما دلالة استضافة أنشطة مناورات «النجم الساطع 2025» في ميادين التدريب بقاعدة محمد نجيب العسكرية؟ لماذا توصف بأنها أكبر حدث تدريبي مشترك في الشرق الأوسط هذا العام (28 أغسطس حتى 10 سبتمبر)؟ ما الذي تمثله مشاركة 46 دولة ومنظمة (أهمها: مصر، الولايات المتحدة، الهند، إيطاليا، المملكة المتحدة، اليونان، جنوب إفريقيا، السعودية، وحلف الناتو)، بشكل مباشر، وعشرات الدول بصفة «مراقب»؟
هذا النوع من الأسئلة مشروع جدًّا، ولو تجاوزنا «سوء النية» من البعض، فالإجابات عليها ضرورية، حتى يعرف الرأي العام أبعاد الرؤية المصرية لتعزيز الأمن القومي، والدور الذي تسهم به قواتنا المسلحة في هذا الشأن، لاسيما أن مناورات «النجم الساطع» (من واقع نسختها الـ19، بمشاركة حوالي 8 آلاف مقاتل، إلى جانب قوات أمنية مصرية)، لا يمكن اختزالُها في الجانب العسكري فقط، لأنها تعبر عن منظومة متكاملة: عسكريًّا، دبلوماسيًّا، سياسيًّا، اقتصاديًّا واجتماعيًّا.
حسابات مصرية - وطنية
عند التساؤل عن كيفية مشاركة مصر مع الولايات المتحدة في مناورات «النجم الساطع 2025»، رغم استمرار السياسات الأمريكية المنحازة لإسرائيل، فالمصالح الوطنية تفرق بين المواقف السياسية والتحالفات العسكرية، فمصر تدرك تناقضات الإدارات الأمريكية المتعاقبة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، لكنها تتعامل مع واشنطن بما يحافظ على قنوات التعاون، دون أن يعني ذلك تطابقًا سياسيًّا، بل بما يعزز السيادة الوطنية المصرية.
وبالتالي، فالمشاركة في المناورات ليست خدمة للغير، بل أداة مصرية لتحقيق المصالح الوطنية، وتوسيع الخيارات، حيث تحرص مصر، منذ 30 يونيو 2013، على ألا تكون رهينةً لمحور واحد، سواء كان الولايات المتحدة، أو روسيا، أو الصين، وغيرهم، تتحرك على أرضية: السياسة شيء، والمصالح الوطنية شيء آخر، وسط حرص على فرض الأچندة الوطنية، وتحديد النطاق الذي يخدم الاحتياجات والمستهدفات المصرية.
موقف الأسرار العسكرية
قلق الرأي العام مبرَّر، خاصة عندما يتعلق بالأسرار العسكرية، لكن ما لا تعرفه الأغلبية أن التدريبات والمناورات العسكرية (بطبيعتها)، لا تكشف عن الخطط الحقيقية أو المواقع الحساسة للقوات المسلحة.. ما يتم عبارة عن سيناريوهات تدريبية مخططة مسبقًا، تضمن لمصر الحفاظ على أمنها القومي (على صعيد المعلومات والاستراتيچيات الدفاعية)، حيث لا تستعرض قواتنا بنكَ أهدافٍ حقيقيًّا (مواقع حساسة، خطط دفاعية، أو عمليات ميدانية فعلية).
خلال وجودي في قاعدة محمد نجيب العسكرية (على هامش المرحلة الأولى من مناورات «النجم الساطع»)، تجددتِ القناعة بأن البنية العسكرية المصرية شديدةُ التحوط، وفي المقابل، تُراكم مصر عبر هذه الأنشطة معرفة مباشرة بأساليب وتكتيكات الجيوش الأخرى، وهو مكسب بالغ الأهمية في عالم سريع التغير، ما يمثل أمرًا ليس فيه تناقض (كما يبدو للبعض)، فالجيوش الكبرى المشاركة، كالولايات المتحدة وحلف الناتو، تُدرَّس تكتيكاتُها وعقائدُها العسكرية في كليات متخصصة- مفتوحة، كما تُنشر في أدبيات رسمية، ويتم اختبارُها في حروب فعلية (أفغانستان، العراق، البلقان.. .إلخ).
وبالتالي، فإن ما تقدمه الجيوش في المناورات العسكرية ليس «أسرارًا استراتيچية تتعلق بخطط دفاع وطنية»، لذا تمثل التدريبات المشتركة فرصةً عمليةً للاطلاع على أساليب الآخرين، لتجديد الخبرة العملية، تتعلم وتستوعب، تستفيد من كل سيناريو تدريبي مهما بدا عامًّا أو متكررًا، لأنه يُترجَم في النهاية إلى تحسين جاهزية فعلية على مسارح عمليات حساسة، دون أن تمنحهم فرصة موازية لمعرفة ما تحتفظ به من أسرار.
لماذا «محمد نجيب»؟
اختيار قاعدة «محمد نجيب» العسكرية لاستضافة أنشطة «النجم الساطع 2025» يحمل دلالات واضحة، فالقاعدة منذ افتتاحها (22 يوليو 2017) تُعَد الأكبر من نوعها في الشرق الأوسط، تجسد بنيةً تحتيةً عسكريةً قادرةً على استيعاب قوات عشرات الدول، كما تؤكد الجاهزية التنظيمية واللوجستية المصرية، فضلًا عن أن موقعها على البحر المتوسط يجعلها مثالية لتغطية مسارح عمليات بحرية وبرية وجوية متنوعة، وهو ما يعكس اتساع نطاق المناورات.
اختيار القاعدة يرتبط بوصف مناورات هذا العام بأنها «أكبر حدث تدريبي مشترك في الشرق الأوسط»، علمًا بأنه ليس توصيفًا دعائيًّا، بل حقيقة ترتبط بطبيعة المشاركين وحجم الأنشطة التدريبية، تجمع 46 دولة ومنظمة في توقيت إقليمي بالغ الحساسية، حيث تتقاطع أزمات غزة والبحر الأحمر والتوتر في شرق المتوسط، مع تنوُّع الأنشطة بين مكافحة الإرهاب والدفاع الجوي والعمليات البحرية وحفظ السلام، مما يجعلها نموذجًا شاملًا للتدريب متعدد الأبعاد.
مشاركة هذا العدد الكبير من الدول تحمل بدورها دلالات كاشفة، اعتراف دولي بدور مصر كمركز ثقل إقليمي قادر على جمع أطراف عسكرية متباينة في ساحة واحدة، كما تتيح للقوات المصرية تنويع مصادر الخبرة والتعلُّم، عبر الاحتكاك بجيوش غربية (أوروبية وأمريكية)، آسيوية، إفريقية، وشرق أوسطية. والأهم، أن مجرد انعقاد هذه المناورات بهذا الحجم يبعث برسالة ردع مزدوجة: إلى الخصوم بأن مصر شريك يمكن الاعتماد عليه في ضبط توازنات الإقليم.
مكاسب مباشرة لـ«المناورة»
إجمالًا، تتعدد فوائد مناورات «النجم الساطع 2025».. استراتيچيًّا، تعزز المشاركة صورةَ مصر كدولة قائدة إقليميًّا، قادرة على تنسيق عمليات بهذا الحجم. ومجرد استضافة مناورات بهذا المستوى يثبت جاهزية البنية التحتية العسكرية والتنظيمية المصرية. وبحسب هذه المعطيات، تتحقق مكاسب عدة: فمجرد رؤية أن الجيش المصري قادر على إدارة تدريبات مشتركة بهذا الحجم يبعث برسالة ردع إلى الخصوم، كما تبرهن مصر على أنها قادرةٌ على العمل مع مختلف القوى الكبرى والإقليمية. وتفتح مثل هذه المناورات البابَ لصفقات تسليح أو تعاون صناعي عسكري، إلى جانب البُعد المعنوي، من خلال رفع الروح المعنوية للقوات.
هذا على المستوى العام. أما بخصوص المردود (المباشر وغير المباشر) للمناورات على عموم المصريين، فالأمن القومي والسلامة العامة والاستقرار السياسي والاقتصادي ملفات مترابطة. وبحكم إسهامها في رفع جاهزية القوات المسلحة، فإن مناورات «النجم الساطع» تعود بالنفع المباشر على المواطن، كون القوات المسلحة خطَّ الدفاع الأول عن الدولة والشعب. ولن يتحقق ذلك إلا إذا كانت: مجهزةً، محترفةً، قادرةً فعليًّا على تحمُّل مسئولياتها (سِلمًا وحربًا) في توسيع مظلة الشعور بالأمان.
تدريبيًّا، تكتسب القوات المسلحة المصرية خبرةً في سيناريوهات معقدة (حروب نظامية، مكافحة الإرهاب، الدفاع الجوي، الإمداد والتموين، الإنزال البحري والجوي) يتم صقلُها بالاحتكاك المباشر مع جيوش كبرى. وعلى الصعيد التقني- التكتيكي، تسمح المناورات بتجريب أنظمة سلاح جديدة، ومقارنة الأداء الميداني بين المعدات المختلفة، بما يفتح الباب لتطوير العقيدة القتالية وتحسينها المستمر.
والتدريب المتقدم الذي توفره المناورات (بالتنسيق مع قوات أمريكية وإقليمية ودولية) يتيح للقوات المصرية اكتساب خبرات قتالية متقدمة، خاصة في تنسيق العمليات متعددة الجنسيات، وتجربة أساليب قتالية حديثة، وتقييم جاهزية الوحدات المختلفة في البر والجو والبحر، وهو ما يشكل حجر الزاوية في تحديث القدرة القتالية الوطنية، خاصة في نظم القيادة والسيطرة والتواصل الحديثة، ويعمل على صقل المهارات الفردية والجماعية للضباط والجنود.
وتتيح المناورات التعرف على أساليب وتقنيات جديدة في مجالات الحرب الإلكترونية والمعلوماتية، ما يجعل القوات المشاركة أكثرَ مرونةً وقدرةً على التكيُّف مع التحديات المستقبلية، كما تؤهلها لتجربة سيناريوهات متعددة: من حماية الحدود، إلى مواجهة التهديدات البحرية والجوية، وصولًا إلى مكافحة الإرهاب. فتُصبح أكثرَ قدرةً على الرد الفعَّال في أي أزمة قد تهدد المواطنين، سواء كانت هجمات مسلحة، تهديدات إرهابية، أو حتى كوارث طبيعية تحتاج إلى تدخل سريع ومنظم.
رسائل أمنية ودبلوماسية
ومن زاوية الأمن الداخلي، فإن المشاركة في مناورات بهذا الحجم تشمل أيضًا الشرطة المدنية، وهو ما يقدم إشاراتٍ واضحةً على أن التدريب لا يقتصر على الجانب القتالي، بل يشمل إدارة الأزمات وحماية المدنيين، وهذا يعني أن المواطن يستفيد من تطوير خطط الطوارئ، وتحسين قدرة الأجهزة المختلفة على التنسيق مع الجيش لحماية الناس في حالات الأزمات، وإدارة كوارث محتملة، وإخلاء المناطق الحيوية، مما يوضح مدى استعداد الدولة لمواجهة الأزمات بكفاءة عالية، وهو ما يعود بالنفع المباشر على حياة المواطن وسلامته.
دبلوماسيًّا، تمثل مشاركة مصر في مناورات «النجم الساطع» مع مجموعة واسعة من الدول تعزيزًا لمكانتها على الساحة الدولية والإقليمية، فالاستقرار السياسي والأمني الذي يتحقق بفضل هذا النوع من التعاون الدولي يساهم في حماية الدولة من التدخلات الخارجية، ويضمن أن مصر ليست عُرضة للصراعات الإقليمية أو النزاعات الدولية التي قد تهدد حياة المواطن أو اقتصاده. كما أن التعاون مع دول كبرى من قارات مختلفة يعزز ثقة المستثمرين الأجانب في مصر، ويفتح المجال أمام فرص اقتصادية أكبر، استثمارات جديدة، وتوسيع سوق العمل.
كل هذه الأمور تنعكس على تحسين فرص العمل، زيادة النمو الاقتصادي، وضمان استقرار الأسعار والخدمات الأساسية. وسياسيًّا، تُظهر مناورات «النجم الساطع» قدرةَ الدولة على التنظيم، التخطيط، وإدارة القوى الكبرى، وهو ما يعزز الثقة الشعبية في مؤسسات الدولة، في ظل القدرة على إدارة مناورات ضخمة تشمل آلاف الجنود وقوى متعددة الجنسيات، بما يجعل المواطن يشعر بأمان أكبر، ويكتسب الثقة في قدرة الدولة على حماية مصالحه داخليًّا وخارجيًّا، وهذه الثقة تُترجَم إلى استقرار اجتماعي وسياسي، وهو أمر حيوي للحياة اليومية.
كفاءة الموارد الوطنية
تحمل مناورات «النجم الساطع» فوائدَ غيرَ مباشرة لكنها شديدة الأهمية، فوجود قوات أجنبية وتبادل تدريبي واسع ينعكس على تحسين القدرات اللوجستية للقوات المسلحة المصرية، بما في ذلك: إدارة الموارد، النقل، التخزين، والصيانة.. هذه القدرات تنعكس على كفاءة استخدام الموارد الوطنية بشكل عام، وتقليل الهدر في حالات الطوارئ، وهو ما يسهم في استقرار الدولة اقتصاديًّا، ويؤثر بشكل مباشر على المواطن العادي، سواء من خلال تقليل الأزمات الاقتصادية أو من خلال ضمان استمرار الخدمات الأساسية في أوقات الأزمات.
كما تتيح المناورات اختبارَ المعدات الحديثة والتقنيات المتقدمة، ما يدفع صناعة الدفاع المحلية إلى التطوير، ويحفّز نقل التكنولوچيا، ويسهم ذلك في خلق فرص عمل جديدة ويُحسّن من قدرات الصناعات الوطنية، مدنيًّا وعسكريًّا.
أما الفوائد غير المباشرة التي تعكسها المناورات، فتتعلق بالوعي العام والأمن المجتمعي، إذ تعكس المشاركة الدولية في التدريب: التزامَ مصر بالمعايير الدولية في العمل العسكري، احترامَ سيادة الدول الأخرى، ومراعاةَ حقوق الإنسان. وهو ما يُشجع على ترسيخ ثقافة السلام والأمن داخل المجتمع، ويؤكد للمواطنين أن الدولة تعمل وفق بروتوكولات واضحة لحماية المدنيين، مما يزيد من شعورهم بالأمان والثقة في أجهزتها. كما أن التعاون مع منظمة الصليب الأحمر في التدريب يرسّخ فكرة أن الجيش ليس قوةً قتاليةً فقط، بل عنصر أساسي في حماية المدنيين وإدارة الأزمات الإنسانية، وهو ما ينعكس إيجابًا على جودة الحياة اليومية للمواطن.
وعلى مستوى الاستعداد المستقبلي، تهيئ المناورات مصر لمواجهة التحديات القادمة في منطقة الشرق الأوسط، وهي منطقة تتسم بالتقلبات والصراعات المتعددة. فالمواطن يستفيد من هذا الاستعداد من خلال ضمان أن الدولة لن تُفاجَأ في حالة نشوب أزمات إقليمية، سواء كانت حروبًا تقليدية، هجمات إرهابية، أو أزمات إنسانية. ومع القدرة على الاستجابة السريعة والفعّالة، التي يتم صقلُها خلال المناورات، تتوفر حمايةٌ مباشرةٌ لحياة المواطنين، وللأصول العامة، وللبنية التحتية، وحتى للاقتصاد الوطني.
نفسيًّا واجتماعيًّا، يشعر المواطن العادي بالطمأنينة عندما يرى جيشًا قويًّا ومنضبطًا قادرًا على التعامل مع سيناريوهات متعددة. فالشعور بالأمان يقلل من القلق المجتمعي، ويسمح للأفراد بالتركيز على حياتهم اليومية والعمل والإنتاجية، وهو ما يعزز الاستقرار المجتمعي. ومن هنا، تعمل مناورات «النجم الساطع» على بث رسالة واضحة لكل مواطن بأن الدولة تتخذ خطوات فعلية لحمايته، وليست مجرد إعلانات أو تصريحات.
شبكة علاقات متنوعة
تأتي استضافة مصر لمناورات «النجم الساطع 2025» لتعكس بُعدًا دبلوماسيًّا استراتيچيًّا مهمًّا، عبر بناء شبكة من العلاقات العسكرية والدبلوماسية مع دول متنوعة، مما يمنح مصر فرصةً لتعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في النظامَيْن الإقليمي والدولي. كما تتيح هذه المناورات التواصلَ المباشرَ بين القوات المسلحة المصرية ونظرائها، بما يفتح قنوات للحوار العسكري- الدبلوماسي على المستويات العليا والمتوسطة.
هذا النوع من التدريبات يسمح للقاهرة بالتفاوض على مسائل أمنية معقدة، مثل: مكافحة الإرهاب، القرصنة البحرية، وحماية المصالح الاستراتيچية في البحرين الأحمر والمتوسط، ويعزز الثقة المتبادلة مع الدول المشاركة والمراقبة على حد سواء. وتستفيد الدبلوماسية العسكرية المصرية من هذه الفعاليات الميدانية في تعزيز صورتها أمام المجتمع الدولي، حيث يُظهر التدريب قدرةَ مصر على تنظيم تدريبات واسعة النطاق تضم قواتٍ متعددةَ الجنسيات، ما يعكس مستوًى عاليًا من الاحترافية والتنظيم.
علاوة على ذلك، تمنح المناورات مصر فرصةَ التأكيد على موقفها كدولة مستقلة قادرة على التعاون مع جميع القوى العالمية دون انحياز حتمي لأي طرف، وهو ما يعزز مرونتَها في إدارة سياساتها الخارجية. كما تمثل المشاركة أداةً لبناء علاقات ثنائية متعددة الأبعاد، حيث يمكن لمصر توظيف هذه التدريبات في التفاهم مع دول محددة بشأن: التعاون العسكري، التدريب، تبادل المعلومات الاستخباراتية، والتنسيق في العمليات الإنسانية والطوارئ.
وتعمل الدبلوماسية المصرية عبر هذا التدريب على تعزيز الثقة بين القاهرة والعواصم الأخرى، بما يسهّل لاحقًا التعاون في مجالات غير عسكرية تشمل: الاقتصاد، الطاقة، والتقنيات الدفاعية. كما يعكس النشاط قدرةَ مصر على جذب اهتمام مجموعة واسعة من الدول، وهو مؤشر على ثقلها الإقليمي والدولي، ويعزز مكانتها كوسيط محتمل في النزاعات ومساهم فاعل في مبادرات السلام والأمن الإقليمي. وعلى المستوى الرمزي، تمثل المناورات منصةً للتأكيد على الالتزام بالمعايير الدولية في العمل العسكري واحترام سيادة الدول، وهو عنصر يعزز من مصداقية مصر في المجتمع الدولي.
تعزيز مرونة القوات
مناورات «النجم الساطع 2025» تعزز الاستراتيچية المصرية لبناء قوات مسلحة مرنة، متعددة القدرات، قادرة على التعامل مع التحديات المستقبلية، سواء كانت نزاعات تقليدية أو غير تقليدية. كما تضع مصر في موقع يسمح لها بالعمل كلاعب محوري في مبادرات الأمن الإقليمي والدولي، إذ يجمع التدريب بين الخبرة العسكرية الدولية والتطوير الداخلي للقدرات، وهو ما يعزز قدرة الدولة على مواجهة التهديدات بكفاءة عالية.
هذه الأبعاد تجعل مصر قادرةً على لعب دور فاعل في صياغة توازنات القوى الإقليمية والتأثير في سياسات الأمن الجماعي، مما يرفع من مكانتها ويعزز نفوذَها الدبلوماسي والسياسي، مع التحضير لمواجهة تحديات المستقبل بمرونة أكبر. وهكذا، تصبح المناورات خطوةً استراتيچيةً متعددةَ الأبعاد تؤثر في مسار الأمن والسياسة المصرية لسنوات مقبلة.
تعكس مناورات «النجم الساطع 2025» رغبةَ مصر في مواصلة تحديث قواتها المسلحة وإظهار قدرتها على العمل ضمن تحالفات متعددة الجنسيات، وهو ما يشكّل عاملَ قوةٍ واستراتيچيةً دفاعيةً متكاملةً، ويمنحها المرونة في التعامل مع التهديدات المستقبلية عبر الجمع بين الخبرة المحلية والتجارب الدولية. لذلك، تتجاوز الفوائد العسكرية لتصبح أداةً دبلوماسيةً متقدمةً، تسمح للقاهرة بموازنة علاقاتها الدولية، وتعزيز نفوذها، وبناء شبكة واسعة من الشراكات العسكرية مع دول متعددة عبر القارات.
وعلى المدى الطويل، يمكن أن يؤدي هذا التدريب إلى تطوير شبكة تحالفات واسعة تتيح لمصر قيادةَ المبادرات الإقليمية في الأمن البحري ومكافحة الإرهاب، والمشاركة بفاعلية في عمليات حفظ السلام، فضلًا عن دعم الصناعات الدفاعية المحلية من خلال تبادل الخبرات والتقنيات مع شركاء دوليين متقدمين.
اقرأ أيضاً
اللواء سمير فرج لـ «الأسبوع»: «النجم الساطع 2025» أكبر تدريب مشترك.. ويؤكد أن مصر أقوى دولة بالمنطقةاللواء سمير فرج لـ «الأسبوع»: النجم الساطع 2025 يؤكد أن مصر لاتزال شريكا استراتيجيا لأمريكا
«النجم الساطع 2025».. ركيزة أساسية في العلاقات الدفاعية المصرية - الأمريكية
0 تعليق