تكون البركة في التجارة، بأن يبين البائع حقيقة السلعة وما فيها من عيب، والمشتري مأمور بالصدق في الثمن ودفعه كاملًا، فإذا صدقا وبينا بارك الله لهما في بيعهما وشرائهما، أما إذا كذبا أو غشّا نزعت البركة من المال والسلعة.
البركة في التجارة
وقال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن مراعاة الضوابط الفقهية للبيع والشراء، إلى جانب الصدق والإحسان، هي ما يحقق البركة في البيوع، ويجعل المعاملة موافقة للشرع ومباركة من الله تعالى.
وأوضح الدكتور يسري جبر أن الحديث الشريف: "فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما" يدل على أن الغش والكذب لا يتركان أثرًا محمودًا، بل ربما يحرم الإنسان من السلعة أو المال بسبب سوء النية.
وبيّن الدكتور يسري جبر أن من فقه الحديث مسألة "ما لم يتفرقا"، حيث اختلف العلماء في المقصود بها؛ فالإمام مالك يرى أن التفرق يكون بالأقوال، فإذا أتم الطرفان عقد البيع بالإيجاب والقبول وتم تحديد السلعة والثمن وتوفرت الشروط، انعقد البيع حتى لو جلسا بعد ذلك في حديث آخر، بينما يرى الشافعية أن التفرق يكون بالأبدان، أي أن لكل طرف حق التراجع ما داما في مجلس العقد، فإذا افترقا بالأجساد لزم العقد.
أجمل ما قيل في البيع والشراء
وأكد الدكتور هاني تمام، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن الحديث الشريف "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع سمحاً، وإذا اشترى سمحاً، وإذا اقتضى" يحمل في طياته دعوة واضحة للتعامل بالرحمة واللطف في البيع والشراء، مشيراً إلى أن التجارة التي تقوم على المعاملة الحسنة والأخلاق الرفيعة ليست فقط سبيلًا لكسب الرزق، بل هي أيضًا باب للرحمة والغفران من الله عز وجل.
وقال الدكتور هاني تمام، خلال تصريح: "عندما تبيع وتشتري بالسموحة واللطف والمعروف، فأنت بذلك تقترب من ربك، وتعبد الله بأفعالك وأخلاقك.. كل عباداتك من صلاة وصوم وغيرها لا غنى عنها، ولكن الغرض من ذلك هو أن يرحمك الله، فها هو النبي يبين لنا أن الرحمة تشمل معاملاتنا اليومية".
وأضاف: "ليس المقصود أن تخسر في البيع، بل أن تكسب بأسلوب حسن، وبهذا الأسلوب ترتفع قيمة السعر أو الربح، لكن الأهم أن يترتب على ذلك رحمة الله، ورضاه، والغفران، والدخول إلى الجنة.. فالتعامل بالسموحة ليس فقط تجارة رابحة دنيوياً، بل هو تجارة رابحة أخروياً".
وأشار إلى أن الأحاديث النبوية تؤكد ذلك بقوله: "غفر الله لرجل سمح إذا باع سمحاً، وإذا اشترى سمحاً، وإذا اقتضى"، وذكر كذلك الرواية التي تقول: "دخل الجنة رجل سمحاً إذا باع سمحاً، وإذا اشترى سمحاً، وإذا اقتضى".
وأكد على أن حسن الخلق والمعاملة بالمعروف في البيع والشراء هي السبيل لتحقيق البركة في الرزق، والرحمة من الله في الدنيا والآخرة.
0 تعليق