كشف مسؤول تنفيذي رفيع في شركة هواوي كيف تمكنت الشركة من النجاة من العقوبات الأمريكية الصارمة التي كادت أن تقضي عليها، وذلك من خلال "بناء نظام بيئي مستقل تمامًا عن الولايات المتحدة"، في قصة ملحمية من الصمود والابتكار.
بدأت المعركة في عام 2019، عندما وضعت الولايات المتحدة شركة هواوي على "قائمة الكيانات"، مما أدى إلى عزلها عن سلسلة التوريد الأمريكية، وحرمانها من الوصول إلى التقنيات الحيوية مثل خدمات جوجل وشرائح المعالجات المتقدمة. وفي ذلك الوقت، توقع الكثيرون نهاية وشيكة لعملاق التكنولوجيا الصيني.
بداية الحصار.. العزل عن جوجل والرقائق
كانت الضربة الأولى هي حرمان هواوي من استخدام النسخة المرخصة من نظام أندرويد، مما يعني فقدان متجر "بلاي ستور" وتطبيقات جوجل الأساسية التي يعتمد عليها المستخدمون خارج الصين.
ثم جاءت الضربة القاضية في عام 2020، عندما عدّلت وزارة التجارة الأمريكية قاعدة "المنتج الأجنبي المباشر"، مما أدى فعليًا إلى قطع وصول هواوي إلى أي شرائح متطورة يتم تصنيعها باستخدام معدات أمريكية.
وكان التأثير فوريًا. فالشركة التي كانت قد تربعت على عرش شحنات الهواتف الذكية في العالم في الربع الثاني من عام 2020 (متفوقة على آبل وسامسونج)، بدأت في التراجع بشكل حاد، وبدا أن التنبؤات بزوالها ستتحقق.
بناء الإمبراطورية المستقلة.. من نظام التشغيل إلى المعالج
أمام هذا الواقع، كان على هواوي أن تختار بين الاستسلام أو إعادة بناء نفسها من الصفر. وكما قال تاو جينغ ون، رئيس قسم الجودة في الشركة، اختارت هواوي الطريق الثاني.
نظام التشغيل: كانت الخطوة الأولى هي إنشاء نظام تشغيل بديل، HarmonyOS، مع متجر تطبيقات خاص به App Gallery، وبناء منظومة خدمات هواوي للموبايل (HMS) كبديل لخدمات جوجل.
المعالج (المفاجأة المدوية): بعد نفاد مخزونها من معالجات Kirin 5G، اضطرت هواوي للاعتماد على معالجات 4G معدلة من كوالكوم. لكن في أغسطس 2023، أذهلت هواوي العالم بإطلاق هاتف Mate 60 Pro.
ولأول مرة منذ 2020، كان الهاتف يعمل بمعالج من تصميم هواوي، Kirin 9000S، الذي أعاد دعم شبكات الجيل الخامس (5G)، وتم تصنيعه من قبل أكبر مسبك للرقائق في الصين، SMIC، بتقنية 7 نانومتر المتقدمة. لقد كانت لحظة إعلان الاستقلال التكنولوجي.
المستقبل: التفوق في الذكاء الاصطناعي
يعتقد تاو أن التزام قطاع التكنولوجيا الصيني بالاكتفاء الذاتي، وهو درس تعلمه من تجربة هواوي، سيسمح للصين "بتجاوز الولايات المتحدة في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي" بفضل اقتصادها الواسع وسيناريوهات الأعمال المتنوعة.
واليوم، تواصل هواوي الصمود في وجه الجهود الأمريكية، وتعمل جاهدة للعودة إلى قمة قوائم شحنات الهواتف الذكية، وهو المكان الذي وقفت فيه لفترة وجيزة قبل أن يضربها ثقل العقوبات الأمريكية بالكامل.
0 تعليق