السفير السوداني لـ الجريدة•: نتطلع لتعزيز وجودنا التعليمي والطبي في الكويت - هرم مصر

الجريدة الكويتية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في وقت تشهد العلاقات السودانية - الكويتية زخماً متجدداً على مختلف الصعد، تأتي تصريحات سفير السودان لدى البلاد، عوض الكريم الريح بلة، لتسلّط الضوء على عمق الروابط بين البلدين، سواء في المجالات الاقتصادية أو التعليمية أو الصحية، ولتكشف عن آفاق تعاون واعدة في مرحلة ما بعد الحرب التي تمرّ بها بلاده. ومن خلال لقائه مع «الجريدة»، تحدّث السفير عن واقع الجالية السودانية في الكويت، مشيداً بما تحظى به من احترام وتقدير من الجهات الرسمية الكويتية، نظراً لالتزامها بالقوانين وتفوّقها المهني، خاصة في القطاع الطبي. وأوضح أن عدد المعلمين السودانيين في الكويت تراجع خلال السنوات الأخيرة، إلا أن مَن تبقّى منهم أثبت كفاءة عالية، مؤكداً أن بلاده تسعى لتعزيز هذا الحضور مجدداً في المدارس الحكومية والخاصة، وصولاً إلى التعليم الجامعي، مستندة إلى التقارب الثقافي واللغوي بين البلدين. كما استعرض السفير تفاصيل الحضور السوداني في القطاع الطبي، الذي يُعد من بين الأكبر في الكويت، مشيراً إلى أن التعاقدات مع الكوادر الصحية تتم بطرق متعددة، بعضها يحتاج إلى معالجة تنظيمية لتحسين ظروف العاملين. وتناول الحوار أيضاً الدور التاريخي الذي أدته الكويت في دعم السودان، والمشروعات الاستثمارية المشتركة في مجالات حيوية، من بينها الطاقة، والزراعة والتعليم، والبنية التحتية، إلى جانب خطط مستقبلية طموحة تشمل الذهب والطاقة الشمسية.

أكد سفير السودان لدى الكويت، عوض الكريم الريح بلة، أن أعداد المعلمين السودانيين في الكويت شهدت تراجعاً خلال السنوات الأخيرة، إلا أن مَن تبقّى منهم لا يزال يثبت كفاءته وتفوقه. وأعرب عن تطلّع بلاده لتعزيز حضور الكوادر التعليمية السودانية في المدارس الحكومية والخاصة، بكل مراحلها الدراسية، مشيراً إلى وجود نحو 100 معلم سوداني في بعض المدارس الخاصة.

وفي حوار خاص مع «الجريدة»، أوضح الريح بلة أنه التقى عددا من المسؤولين الكويتيين الذين أعربوا عن تقديرهم للجالية السودانية والتزامها بالقوانين، مشيدين بنظافة سجلها من الجرائم الكبرى، وبما يحققه السودانيون من تميّز في القطاع الطبي، ومعربين عن تطلّعهم لرؤية حضور مماثل في القطاع التعليمي.

وقال السفير: «نتطلع إلى استفادة الكويت من الكوادر التعليمية السودانية في مختلف المراحل، وصولاً إلى التعليم الجامعي، خصوصاً في ظل التقارب اللغوي والثقافي بين البلدين، مما يسهل اندماج المعلم السوداني في البيئة التعليمية الكويتية».

وأضاف: «نحن على أتم الاستعداد لتوفير كادر تعليمي مؤهل في جميع المراحل، سواء في المدارس الحكومية أو الخاصة، بل وحتى في الجامعات، وقد بدأنا بالفعل اتصالات في هذا الشأن، ونأمل أن تؤتي هذه الجهود ثمارها قريباً».

القطاع الطبي... الأكبر حضوراً واستقراراً

وحول الحضور السوداني في القطاع الطبي، قال السفير إن هناك أعداداً كبيرة من الاستشاريين والاختصاصيين السودانيين، يُقدر عددهم بنحو 700 طبيب، إضافة إلى نحو 2000 فرد من الكوادر التمريضية، وكوادر المختبرات، والأشعة، والعلاج الطبيعي.

وأوضح أن هذا الحضور الكبير يعود إلى رغبة الجانب الكويتي في الاستفادة من الكفاءات السودانية، وإلى ارتياح السودانيين للعيش في الكويت، خصوصاً في ظل وجود خط طيران مباشر بين بورتسودان والكويت، بمعدل رحلتين أسبوعياً، حيث تصل عشرات الكوادر الطبية في كل رحلة لإبرام تعاقدات في القطاعين العام والخاص.

وبيّن أن التعاقد مع الكوادر الطبية يتم بثلاث طرق: الأولى عن طريق التعاقد الحكومي المباشر مع وزارة الصحة، والثانية من خلال القطاع الخاص، وهما الطريقتان الأفضل من حيث الظروف. أما الطريقة الثالثة فتتم عبر شركات خاصة، تتولى استقدام الكوادر الطبية لمصلحة مستشفيات، وهذه الطريقة تواجه العديد من المشاكل، أبرزها تدنّي الرواتب، مقارنة بما تتقاضاه هذه الشركات، وسوء خدمات السكن والطعام، بل وتعرّض المتعاقدين للابتزاز عند محاولتهم إنجاز معاملات، مثل الزيارات العائلية، أو نقل الكفالة، أو استخراج رخص القيادة. ومع ذلك، يبقى القطاع الطبي الأكثر استقراراً وحركةً بين القطاعات الأخرى.

تحديات في قطاعات خدمية

وعن بعض التحديات، أشار السفير إلى وجود مشكلات في قطاعات مثل الحراسات الأمنية وتوصيل الطلبات، تتمثل في طول ساعات العمل، وضعف الرواتب، ورداءة السكن، لكنّه لفت إلى أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الكويتية لمحاربة تجارة الإقامات وتطبيق القانون بشكل صارم، ستسهم في تحسين الأوضاع وجعل سوق العمل الكويتي أكثر جذباً.

شريك استراتيجي

وثمّن الريح بلة الدور الكبير الذي أدته الكويت في دعم السودان منذ عقود، قائلاً: «السودان كان أول دولة تستفيد من قرض من الصندوق الكويتي بعد تأسيسه عام 1961، حين حصل على تمويل لتوسعة السكة الحديد. وبعد اندلاع الحرب، كانت الكويت من أوائل الدول التي هبّت للتخفيف من آثارها الإنسانية».

وأوضح أن الكويت ستكون من أبرز الدول التي سيعتمد عليها السودان في مرحلة إعادة الإعمار، ليس فقط من باب ردّ الجميل، وإنما أيضاً لتاريخها الطويل في دعم السودان، مشيراً إلى أن الكويت تُعد أكبر دائن للسودان خارج نادي باريس، بحجم ديون يصل إلى نحو 18 مليار دولار.

كما أشار إلى استضافة الكويت مؤتمر إعمار شرق السودان عام 2010، حيث وفّرت قروضاً بقيمة 450 مليون دولار، إلى جانب منحة بقيمة 50 مليوناً.

استثمارات كويتية ضخمة

وأكّد السفير أن الكويت تُعد ثاني أكبر شريك استثماري مباشر في السودان بعد السعودية، وتستثمر في مشروعات كبيرة، أبرزها مساهمتها بحوالي الثلث في شركة سكر كنانة بولاية النيل الأبيض، وهي من أكبر شركات إنتاج السكر في إفريقيا، حيث تمتلك الحكومة السودانية 35 بالمئة من أسهمها.

وأشار إلى أن هذا المشروع يُعد نموذجاً للتنمية المتكاملة، إذ يضم - بالإضافة إلى إنتاج السكر - مزارع للحمضيات والفواكه، ومزارع للأبقار الحلوب واللاحمة، كما تم إنشاء العديد من المدارس والمستشفيات والمطار، ضمن إطار المسؤولية الاجتماعية.

وقال إن الكويت ساهمت أيضاً في تطوير قطاعي السياحة والفندقة في السودان منذ السبعينيات، حيث أنشأت أكبر فندقين في الخرطوم وبورتسودان، إضافة إلى بناء أكبر مجمع تجاري في وسط الخرطوم، بالقرب من القصر الرئاسي ووزارة الخارجية، وهو «المجمع التجاري الكويتي».

دعم الكهرباء والمياه

وفي مجال الطاقة، قال السفير إن السودان كان ينتج حتى أوائل الألفية الثانية نحو 800 ميغاواط فقط، لكن بمساعدة الأشقاء، وعلى رأسهم الكويت، تحقّق تقدم كبير، خصوصاً عبر مشروع سد مروي، الذي ينتج حالياً 1250 ميغاواط، ورافقه إنشاء مطار ومستشفى وجامعة حملت اسم «جامعة عبداللطيف الحمد»، تكريماً لرئيس الصندوق العربي حينها، الذي كان من أبرز المساهمين في المشروع. وبلغت مساهمة الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية في المشروع نحو 215 مليون دولار.

وأضاف أن الكويت ساهمت أيضاً في سد أعالي عطبرة وستيت بقرضين بلغ مجموعهما 170 مليونا، وساهمت كذلك في تعلية خزان الروصيرص بقرض قيمته 52 مليونا، مما أسهم في زيادة إنتاج الكهرباء وتوسعة الرقعة الزراعية، إلى جانب دعم مشروعات حصاد المياه في شرق السودان.

تعاون مستقبلي في الطاقة والذهب

وحول المشاريع المستقبلية، قال السفير إنه من المتوقع استئناف التباحث مع الصندوق الكويتي حول مشاريع تتعلق بإنتاج الذهب وزيادة توليد الكهرباء، بعد تجاوز بعض التحديات.

وأشار إلى اجتماعات عُقدت على هامش فعاليات الصناديق العربية، تم خلالها الاتفاق على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، لا سيما في مجالات الثروة الحيوانية، والمنتجات الزراعية، والتصنيع الغذائي.

كما كشف عن اجتماعات تحضيرية مع شركات كويتية خاصة، للاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية للأغراض السكنية والزراعية والخدمية والصناعية، مؤكداً العمل على تنظيم ورشة تجمع ممثلين من القطاع الخاص السوداني والكويتي لمناقشة هذه الفرص.

السودان ما بعد الحرب... مختلف تماماً

أكد السفير الريح بلة أن السودان ما بعد الحرب سيكون مختلفاً جذرياً عمّا قبله، مشيراً إلى أن الصراع أسفر عن تماسك اجتماعي كبير سيفضي إلى انسجام سياسي، وإعلاء مصلحة الوطن، وتعزيز الانتماء للأرض، وهي عوامل من شأنها جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية في المستقبل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق