"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان والمعاناة في غزة - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:

 

يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتتوسع فصوله، خاصة في مدينة غزة، بينما تتصاعد المجازر، وتتعمّق المجاعة.
"الأيام" رصدت مشاهد جديدة من العدوان المُستعر على القطاع، منها مشهد يرصد أسلوب تدمير جديد لجأ إليه جيش الاحتلال مؤخراً، خاصة في مدينة غزة وشمال القطاع، ومشهد آخر يُسلّط الضوء على زيادة في عدد الضحايا من النساء والأطفال جراء الغارات الجوية المتصاعدة، ومشهد ثالث يُوثق الاستعداد لتفريغ مدينة غزة وتجهيز مناطق جنوب القطاع لنقل النازحين إليها.

 

أسلوب تدمير جديد
لم يكتفِ الاحتلال بكافة أساليب التدمير التي انتهجها منذ بداية العدوان على غزة في السابع من تشرين الأول 2023، من تفخيخ المنازل وتفجير "الروبوتات"، مروراً بالقصف الجوي واستخدام الجرافات، إذ انتهج مؤخراً أسلوباً جديداً، ينتج عنه دمار واسع وكبير، دون وجود بشري في المنطقة المستهدفة، ما يوفر حماية لجنوده.
ويتلخص الأسلوب الجديد في استخدام جسر من المُسيّرات ذات الأحجام المختلفة، لنقل متفجرات إلى منطقة معينة، ومن ثم تفجيرها بوساطة التحكم عن بُعد.
ووفق ما نشره الحقوقي والناشط عبد الله شرشرة، فإن شهادات ميدانية من منطقة جباليا شمال القطاع، تؤكد اعتماد جيش الاحتلال على أسلوب جديد في تدمير المباني، يتمثل في استخدام أسطول واسع من الطائرات المسيّرة من نوع "كواد كابتر"، المحمّلة بكميات كبيرة من المواد المتفجرة، وتقوم هذه الطائرات بعمليات متكررة أشبه بـ "جسر جوي"، حيث تنقل المتفجرات بشكل متتابع إلى الهدف المحدد، وبعد اكتمال نقل الكمية المطلوبة، يتم تفجير المباني عن بُعد، ما يُحدث انفجاراً أشبه بالزلازل.
وحسب المشاهدة المباشرة، فإن قوة هذه التفجيرات تبدو تقديرياً، أشد من قوة قصف الطائرات الحربية، أو "الروبوتات" المتفجرة والأحزمة النارية، وقد لوحظ أن الطائرات المستخدمة تختلف عن النماذج الشائعة من حيث الحجم والإمكانات التقنية، إذ كانت مزوّدة بكشافات إضاءة وكاميرات تصوير، وتبدو قادرة على حمل حمولات تتراوح بين 20 و30 كيلوغراماً من المتفجرات في كل رحلة.
وأكد شرشرة أنه وفي واقعة محددة ببلدة جباليا، وتحديداً في شارع حيفا، تم اعتماد هذا الأسلوب لتدمير مربع سكني كامل، حيث قامت الطائرات بنقل أكثر من 100 حمولة متفجرة إلى الموقع قبل تنفيذ التفجير النهائي، ما أدى إلى وقوع انفجار ضخم ودمار واسع النطاق.
وأشارت مصادر محلية وشهود عيان، إلى أن الاحتلال دمّر غالبية حي الزيتون بطرق تدمير مختلفة، بينما تتصاعد عمليات التدمير في مخيم جباليا، وفي مناطق وسط وشرق محافظة خان يونس، حيث تُسمع يومياً عشرات الانفجارات الكبيرة في تلك المناطق، خاصة خلال ساعات الليل، بينما تُشاهد طائرات مُسيّرة مختلفة الأحجام والأنواع، تُحلّق فوق مناطق معينة، قبل حدوث الانفجارات القوية فيها.

 

ارتفاع عدد الضحايا من النساء والأطفال
شهدت الفترة الماضية تزايداً كبيراً في عدد الضحايا من النساء والأطفال، جراء تصاعد عمليات القصف التي استهدفت كافة مناطق قطاع غزة، خاصة محافظتي غزة وخان يونس.
ولوحظ تركيز الاحتلال في الأيام الماضية على قصف المنازل المأهولة، وخيام النازحين، خاصة في أوقات الليل والفجر، ما يؤدي إلى وقوع جميع الموجودين فيها بين شهيد وجريح.
ووفق متابعات "الأيام"، فإن سلسلة الهجمات الجوية الأخيرة على مدينتي غزة وخان يونس، أوقعت عشرات الشهداء، ومئات الجرحى، أكثر من 80% منهم من النساء والأطفال.
وفي إحدى الغارات سقط 6 شهداء قرب "الكلية التطبيقية"، في مواصي خان يونس، جميعهم من الأطفال عدا سيدة واحدة، بينما بلغ عدد شهداء قصف خيام النازحين في منطقة "أصداء"، بمواصي خان يونس فجر السبت الماضي، 17 شهيداً، 15 منهم من النساء والأطفال.
ووفق مصادر محلية وشهود عيان، فإن الاحتلال تعمّد خلال الفترة الماضية قصف خيام تقطنها عائلات في أوقات يوجد فيها جميع أفراد العائلة في الخيمة أو المنزل.
بينما أكدت مصادر طبية في مستشفيات بقطاع غزة، أن عدد الضحايا من النساء والأطفال الذين يصلون إلى المستشفيات بسبب القصف ارتفع في الأيام الماضية، وتستقبل المستشفيات يومياً عشرات الأطفال، بعضهم شهداء، وآخرون مصابون بجروح متفاوتة، أغلبها يتم تصنيفه على أنها إصابات خطيرة، حيث تغص غرف العناية الفائقة بنساء وأطفال يُصارعون الموت، في ظل ظروف صحية صعبة، ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وتكدّس غير مسبوق في الأسرّة.
في حين أكدت مصادر حقوقية، أن جرائم الاحتلال ومجازره تصاعدت بحق المواطنين والنازحين في قطاع غزة، بالتزامن مع التلويح الإسرائيلي بقرب احتلال مدينة غزة، حيث تشهد غالبية محافظات القطاع غارات جوية، خاصة "المناطق الإنسانية"، التي سبق وأعلن الاحتلال عن هدنة يومية فيها، تستمر من الساعة 8 صباحاً، وحتى 10 مساءً، غير أن الاحتلال لم يلتزم بذلك، ويواصل قصف تلك المناطق على مدار الساعة.
يذكر أن نسبة الشهداء من النساء والأطفال منذ بداية العدوان زادت على 70%، ما يدل بشكل واضح على أن الاحتلال يرتكب إبادة جماعية في القطاع، لا تفرّق بين كبير وصغير، ولا رجال عن نساء.

 

الاستعداد لتفريغ مدينة غزة
يواصل جيش الاحتلال التمهيد لاحتلال مدينة غزة، ويستعد لتفريغها من السكان، بالتزامن مع استعدادات موازية لتهيئة مناطق في جنوب قطاع غزة لترحيلهم قسراً إليها.
وبدأ جيش الاحتلال بالاتصال بمستشفيات مدينة غزة يطلب منها الاستعداد للخروج إلى وسط القطاع وجنوبه، وهو ما رفضه مدراء هذه المستشفيات.
وذكرت وسائل إعلام عبرية أنه بناءً على قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي المُصغر "الكابينت"، سيعمل جيش الاحتلال و"الشاباك" على ترحيل نحو مليون مواطن من مدينة غزة والمناطق المحيطة بها جنوباً إلى منطقة المواصي.
ووفق الإعلام العبري، تقرر إيصال رسائل إلى مديري المستشفيات ومنظمات الإغاثة الدولية والمراكز الطبية في مدينة غزة، تُفيد بقرب بدء العملية، وضرورة الاستعداد لنقل المراكز الطبية إلى جنوب القطاع.
وبينت وسائل إعلام عبرية أن الجيش سيبدأ بالضغط على المواطنين من خلال عدة إجراءات، تبدأ بإعلان رسمي من المتحدث باسم الجيش باللغة العربية، وإعلانات في مختلف وسائل الإعلام في قطاع غزة، وتوزيع منشورات، وأنشطة وحوارات مع زعماء العشائر، واتصالات هاتفية مباشرة مع السكان.
ووسط سيل الأخبار التي ينشرها الإعلام العبري حول قرب احتلال مدينة غزة، فإن المواطنين يعيشون حالة من القلق والترقب، وبعضهم بدؤوا بالنزوح بالفعل، وآخرون يستعدون لذلك، وثمة عدد كبير من المواطنين يُصرون على عدم ترك المدينة مهما حدث.
وبالتزامن مع توسيع العمليات البرية حول مدينة غزة، والاستعداد لنقل سكانها، يواصل جيش الاحتلال استعداداته لتهيئة مناطق في جنوب قطاع غزة لاستقبال النازحين، حيث سمح بمد خط مياه كبير من مصر إلى منطقة جنوب القطاع "يجري العمل فيه حالياً"، إضافة إلى إعلان الاحتلال عن إصلاح خطوط مياه جديدة تصل من داخل الخط الأخضر.
كما سمح جيش الاحتلال، في المقابل، للطواقم الطبية والفنية بالوصول إلى إلى مستشفى غزة الأوروبي جنوب شرقي خان يونس، لأول مرة منذ عدة أشهر لإعادة العمل به.
وذكرت إذاعة جيش الاحتلال، أنه وفقاً للخطة الإنسانية لإخلاء السكان من مدينة غزة، سيعاد تشغيل المستشفى الأوروبي ليحل محل المستشفيات التي سيتم إخلاؤها من مدينة غزة، مثل الشفاء والمعمداني، وسيقدم خدمات طبية للسكان الذين سيتم إخلاؤهم من المدينة، ولكن بما أنه يقع شرق خان يونس، وهي منطقة تعتزم قوات الاحتلال الاستمرار في السيطرة عليها، فلن يكون الوصول إليه بشكل حر بل عبر طرق وصول تشقها وتمهدها تلك القوات في هذه الأيام من المواصي إلى المستشفى.
ويبلغ عدد سكان مدينة غزة نحو مليون مواطن بما يشمل سكان جباليا، وبيت حانون، وبيت لاهيا، الذي نزحوا إلى المدينة في وقت سابق.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق