تمنح الشفاه الوردية انطباعا بالحيوية والصحة، لكن كثيرا ما يطرأ عليها تغير في اللون لتبهت وتصبح أغمق. ولا يرتبط هذا التغير فقط بالعوامل الجمالية، بل قد يكون انعكاسا لتأثيرات البيئة كالحرارة وأشعة الشمس، أو لعادات يومية مثل التدخين وقلة الترطيب، بل وأحيانًا لنقص في عناصر غذائية مهمة. ومن هنا تأتي أهمية فهم الأسباب العلمية وراء اسمرار الشفاه، والاعتماد على حلول طبيعية وطبية آمنة بدلاً من الممارسات السطحية التي قد تخفي المشكلة من دون علاجها.
لماذا تصبح الشفاه داكنة؟
اسمرار الشفاه ليس مجرد مشكلة جمالية، بل هو عرض قد يكشف عن خلفية صحية أو نمط حياة معين، مثل:
فرط التصبغ: زيادة إنتاج الميلانين بفعل الشمس أو الالتهابات، وهو ما أكدته دراسة نشرتها مجلة الأمراض الجلدية السريرية والتجميلية عام 2010 التي أوصت باستخدام أحماض سطحية مثل الجليكوليك والساليسيليك لعلاج التصبغات السطحية.
الالتهابات أو التهيّجات المزمنة: مثل لعق الشفاه أو استخدام منتجات مهيجة، مما يسبب تصبغات ما بعد الالتهاب "بي آي إتس" (PIH) التي تدوم لفترة طويلة.
التدخين: يُعرف طبيًا بـ"تصبّغ المدخنين". ويحفّز النيكوتين إنتاج الميلانين في الشفاه واللثة. وقد رصدت دراسة في "مجلة علم أمراض الفم والطب" علاقة مباشرة بين التدخين وزيادة اسمرار الأغشية المخاطية.
الأشعة فوق البنفسجية (UV): الشفاه حساسة جدًا لغياب الميلانين الواقي، مما يجعلها عرضة لتصبغات أشعة الشمس.
وقد شددت دراسة بمجلة عيادات في الأمراض الجلدية عام 2016 على أن الواقيات الشمسية تقلل بشكل كبير من فرط التصبغ الناتج عن الأشعة فوق البنفسجية.
نقص الفيتامينات والمعادن: النقص خاصة في فيتامين "بي 12" (B12) والحديد قد يؤدي إلى تصبغ الشفاه والفم، وقد أظهرت بعض الحالات أن علاج نقص "بي 12" يساعد على استعادة اللون الطبيعي للشفاه تدريجيا.
إعلان
أسباب وراثية أو نادرة: مثل متلازمة "بيوتز-جيغرز" حيث تترافق مع بقع داكنة حول الفم والشفاه وتحتاج متابعة طبية دقيقة.
مخاطر الحلول التجميلية السريعة
مع انتشار تقنيات مثل توريد الشفاه أو التاتو شبه الدائم (Lip Blushing) والفيلر، تلجأ بعض النساء إلى حلول تجميلية أسرع. لكن الأبحاث تسلّط الضوء على المخاطر:
توريد الشفاه: قد يسبب تهيجا وتورما وتصبغًا غير متساو، وقد يؤدي تاتو الشفاه أو بعض الإجراءات التجميلية إلى عودة الهربس الكامن، وهو الفيروس الذي يبقى مختبئًا في الأعصاب حتى بعد الإصابة الأولى. ورغم غياب الأعراض لفترات طويلة، فإن التهيج أو الضغط على منطقة الشفاه قد يُعيد تنشيطه في صورة بثور أو تقرحات مؤلمة حول الفم.
حقن الفيلر: رغم أن الإجراء آمن نسبيًا فإنه قد يؤدي إلى نزف وعدوى، أو حتى مضاعفات نادرة مثل نخر الأنسجة إذا تم الحقن بطريقة خاطئة، وفق كليفلاند كلينك.
المراكز غير المرخّصة: قد تتسبب بعدوى خطيرة أو تسمم دموي نتيجة الأدوات غير المعقمة.
بدائل طبيعية
يمكن للعلاجات المنزلية البسيطة أن تمنح الشفاه ترطيبا وإشراقة طبيعية، بعيدًا عن المواد الكيميائية والطرق التجميلية المكلفة، مثل:
عصير الليمون: وفق تقرير لموقع هيلث لاين، يحتوي على مركبات مثبطة للميلانين، لكنه يفتقد لأدلة سريرية قوية على الشفاه. ويُستخدم أكثر كمقشر خفيف، مع الأخذ في الاعتبار أنه قد يسبب تهيجا للبشرة الحساسة.

الكركم مع الحليب: تمزج رشة كركم مع ملعقة صغيرة من الحليب ووضع المزيج على الشفاه 5–10 دقائق. والكركمين مضاد أكسدة قوي يقلل الالتهابات. وتشير بعض الدراسات الجلدية إلى تأثير طفيف على التصبغات.
الألوفيرا: أظهرت دراسة عام 2012 بعنوان Journal of Ethnopharmacology أن لمستخلص الألوفيرا خصائص مضادة للتصبغ، مما يجعله خيارا لطيفا لترطيب الشفاه والمساعدة في تفتيحها بشكل تدريجي.
عصير الشمندر (البنجر) والرمان: ضعي قطرات من العصير الطازج على الشفاه لمدة 15 دقيقة. ويمنح هذا المزيج لونا ورديا مؤقتا بفضل مادة البيتالين، لكنه لا يعد علاجا دائما للتصبغ، بل تأثيره تجميلي قصير المدى.
الزيوت الطبيعية (اللوز، جوز الهند، زيت الزيتون): تدهن الشفاه بقطرة من الزيت مرتين يوميًا. وتساهم هذه العادة اليومية في الترطيب وحماية الشفاه من الجفاف، وهو ما يعزز مظهرها الصحي ويمنع الاسمرار الناتج عن التشقق أو الجفاف المزمن.
الشاي الأخضر: يُستخدم كيس شاي أخضر دافئ بعد نقعه لمسح الشفاه، حيث تسهم مضادات الأكسدة فيه في تقليل تأثير الجذور الحرة التي تسبب التصبغ عند تطبيقه موضعيا.

العسل والسكر: اخلطي نصف ملعقة صغيرة من العسل مع قليل من السكر، وافركي الشفاه برفق لدقيقة واحدة.
ويُستخدم المزيج كمقشر طبيعي لطيف لإزالة الخلايا الميتة وتحفيز الدورة الدموية، مما يمنح الشفاه مظهرا أكثر إشراقا، لكنه علاج سطحي ومؤقت.
ماء الورد والجلسرين: يعملان على ترطيب وتهدئة الشفاه، ويساعد الاستخدام المنتظم على تحسين مرونتها ومنحها مظهرا ورديا طبيعيا.
إعلان
الفراولة: اصنعي معجونا بمزج 5 حبات فراولة متوسطة الحجم مهروسة مع ملعقتين صغيرتين من صودا الخبز. وضعي هذا المعجون برفق على شفتيك قبل النوم، ثم اشطفيه صباحا بماء بارد.

واقي الشمس "إس بي إف" (SPF): يبقى الأكثر فعالية من الناحية العلمية، إذ توصي الأكاديمية الأميركية لطب الجلدية "إيه إيه دي" (AAD) باستخدام مرطب شفاه يحتوي على 15-30 من "إس بي إف" يوميا للوقاية من التصبغات ومنع تفاقمها بفعل أشعة الشمس.
والخلاصة أنه لا توجد وصفة سحرية واحدة تعيد للشفاه لونها الوردي بين ليلة وضحاها، لكن الجمع بين العادات الصحية مثل الترطيب الدائم والإقلاع عن التدخين، والوصفات المنزلية الآمنة، مع الوقاية من أشعة الشمس، يمكن أن يحقق نتائج تدريجية وملموسة.
0 تعليق