فيزيائيون يبتكرون ميكروفونا "يرى" الصوت باستخدام الضوء فقط - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مختبر صغير بجامعة بكين للتكنولوجيا، يعمل فريق من الباحثين على ما قد يكون مستقبل تسجيل الصوت، ميكروفون لا يعتمد على الهواء أو الموجات الصوتية، بل على الضوء.

التقنية الجديدة، التي نشرت تفاصيلها يوم 31 يوليو/تموز في دراسة في دورية "أوبتكس إكسبريس"، تقدم مفهوما مختلفا جذريا عن الميكروفونات التقليدية، إذ تعتمد على التقاط الاهتزازات الدقيقة التي تحدثها الموجات الصوتية على الأسطح المرئية، وتحويلها إلى إشارات صوتية مسموعة، دون الحاجة لأي تلامس مباشر أو هواء ناقل للصوت.

استخدم الباحثون أوراق نباتية لاختبار الطريقة (بيكسابي)
استخدم الباحثون أوراق نباتية لاختبار الطريقة (بيكسابي)

من الصوت إلى الضوء

يقول قائد الفريق البحثي "شو-ري ياو" أستاذ علم البصريات المشارك في معهد بكين للتكنولوجيا: "نحن لا نسجل الصوت، بل نراه. طالما أن هناك ضوءا يعبر من مكان إلى آخر، يمكننا استعادة الصوت بدقة مذهلة حتى في الظروف التي تفشل فيها الميكروفونات التقليدية".

ويوضح "ياو" في تصريحات لـ"الجزيرة نت" أن الميكروفونات الضوئية ليست فكرة جديدة تماما، لكن تطبيقها كان حتى وقت قريب محصورا في بيئات علمية معقدة، تتطلب استخدام كاميرات فائقة السرعة أو ليزر دقيق.

وبحسب ياو فإن ما يميز ابتكار الفريق هو استخدام تقنية تسمى "التصوير أحادي البكسل"، وهي تقنية تصوير تستخدم عادة في مجالات الفضاء والفيزياء، وتسمح بتكوين صورة أو إشارة باستخدام مستشعر ضوئي واحد فقط، بدلا من ملايين البكسلات التي تحتوي عليها الكاميرات التقليدية.

الاهتزازات التي يحدثها الصوت غير مرئية للعين المجردة (بيكسابي)
الاهتزازات التي يحدثها الصوت غير مرئية للعين المجردة (بيكسابي)

اهتزاز مختلف

وتعتمد التقنية على تسليط أنماط ضوئية متغيرة على جسم ما، مثل ورقة أو زجاج نافذة، ثم تحليل شدة الضوء المنعكس بواسطة كاشف ضوئي وحيد.

وباستخدام خوارزميات تعتمد على تحويل فورييه (عملية رياضية تستخدم لتحويل دالة رياضية بمتغير حقيقي وذات قيم مركبة إلى دالة أخرى من الطراز نفسه)، يتم استخراج التغيرات الطفيفة جدا في الضوء الناتجة عن اهتزاز السطح، ومن ثم إعادة تركيب الموجة الصوتية الأصلية.

إعلان

ويضيف ياو: "الاهتزازات التي يحدثها الصوت غير مرئية للعين المجردة، لكنها تؤثر على الضوء المنعكس من السطح. إذا استطعنا قراءة هذه التغيرات، يمكننا إعادة بناء الصوت بدقة".

الميكروفون لا يعتمد على الهواء أو الموجات الصوتية (شترستوك)

محادثة عبر الزجاج.. وموسيقى من ورقة شجر

لاختبار فاعلية التقنية، أجرى الباحثون تجربة عملية استخدموا فيها ورقة نبات وبطاقة ورقية كوسيطين لالتقاط الصوت، مع تشغيل مقطع صوتي يضم أرقاما باللغة الصينية والإنجليزية، إضافة إلى مقتطف من مقطوعة بيتهوفن الشهيرة "من أجل إليزه".

كانت النتائج لافتة، إذ تمكن النظام من إعادة إنتاج الصوت بشكل واضح ومفهوم، مع أداء أفضل عند استخدام البطاقة الورقية مقارنة بالورقة النباتية. وتمكنت التقنية من التقاط الترددات المنخفضة (أقل من 1 كيلوهرتز) بدقة عالية، في حين ظهرت بعض التشويشات في الترددات الأعلى، لكن مع إمكانية تحسينها عبر تقنيات المعالجة الصوتية.

الميزة الأبرز للنظام هي قدرته على العمل في ظل ظروف الإضاءة الطبيعية، وعدم الحاجة لأي معدات باهظة أو بيئات معقمة، مما يجعله مرشحًا للاستخدام في تطبيقات متعددة.

وفقا للباحث، فإن من بين أبرز السيناريوهات التي تستفيد من هذه التقنية، إمكانية التواصل عبر نوافذ مغلقة، أو تسجيل المحادثات في أماكن يصعب فيها استخدام الميكروفونات التقليدية، مثل الغرف المعزولة أو المركبات المغلقة.

"الميكروفونات التقليدية تعتمد على انتقال الموجات الصوتية في الهواء، وهو أمر غير ممكن في بعض البيئات. أما نحن، فكل ما نحتاج إليه هو أن يمر الضوء" كما يقول ياو.

تطبيقات واعدة

ولا تتوقف الطموحات عند هذا الحد، إذ يأمل الفريق في توسيع استخدام التقنية لتشمل مجالات طبية، مثل مراقبة نبض القلب أو قياس الإشارات البيولوجية الدقيقة التي تنتج عن الاهتزازات في الجسم. كما يخطط الفريق لتحسين دقة النظام، وزيادة نطاقه ليصبح قادرًا على رصد الاهتزازات من مسافات أطول.

ويشير ياو إلى أن من المزايا المهمة للنظام الجديد أيضا قدرته على إنتاج كميات صغيرة نسبيا من البيانات. فبحسب الفريق البحثي، فإن معدل إنتاج البيانات لا يتجاوز 4 ميغابايت في الثانية، مما يجعله مناسبا للتسجيل المستمر لفترات طويلة، أو حتى البث المباشر عبر الإنترنت، دون الحاجة إلى قدرات تخزين أو اتصال عالية.

ويؤكد الباحث أن هذا يجعل من النظام خيارا مناسبا لتطبيقات مثل المراقبة البيئية أو تشخيص الأعطال الصناعية، حيث يمكن للنظام التقاط أصوات غير مسموعة، وتحليلها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق