أسباب اعتقال سياسي معارض بعد مواجهات مسلحة في السليمانية - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أربيل – شهدت محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق تطورا خطيرا فجر اليوم الجمعة، وذلك بعد إعلان القوات الأمنية عن اعتقال رئيس حزب "جبهة الشعب" لاهور شيخ جنكي وشقيقيه بولاد وآسو عقب عملية عسكرية واسعة انتهت باقتحام فندق كانوا متحصنين فيه.

جاءت العملية الأمنية بعد اشتباكات مسلحة عنيفة استمرت ساعات طويلة بين قوات مكافحة الإرهاب والقوات الخاصة (الكوماندوز) و"أسايش" (قوات أمن) حزب الاتحاد الوطني الكردستاني من جهة، وحمايات شيخ جنكي من جهة أخرى، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى لم يُعلن عن حصيلتهم النهائية بعد.

وأفاد شهود عيان باندلاع حرائق وانقطاع الكهرباء عن أحياء واسعة، إضافة إلى سماع دوي قذائف مدفعية وراجمات أُطلقت باتجاه الفندق، مما أثار ذعر السكان وأجبر السلطات على فرض قيود مشددة على حركة المواطنين.

خلاف قديم

وذكرت مصادر محلية أن القوات المهاجمة استعانت بتشكيلات خاصة ودبابات وآليات مدرعة لاقتحام الفندق وتأمين عملية الاعتقال، مشيرة إلى أن القرار لم يكن مفاجئا، بل جاء تنفيذا لمذكرة توقيف صدرت من محكمة تحقيق الأمن في السليمانية استنادا إلى المادة 56 من قانون العقوبات العراقي، التي تنص على "ملاحقة من يخطط أو يتفق مع آخرين على ارتكاب أفعال تهدد الأمن والاستقرار العام".

من جانبه، أكد المتحدث باسم المحكمة القاضي صلاح حسن ، في تصريح صحفي، أن المذكرة صدرت رسميا أمس الخميس. ودعا شيخ جنكي لتسليم نفسه طوعا تجنبا لأي صدام محتمل مع القوات الأمنية، مبينا أن القانون يطبق على الجميع دون استثناءات ودون الالتفات إلى المناصب أو الانتماءات السياسية، مما اعتبره مراقبون تمهيدا لعملية ميدانية كانت معدة مسبقا.

الخلاف بين شيخ جنكي وقيادة الاتحاد الوطني الكردستاني ليس جديدا، بل يعود إلى عام 2021 حين تمت إقالته من منصبه رئيسا مشتركا للاتحاد بعد صراع داخلي مع ابن عمه بافل الطالباني، نجل الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني، والذي استحوذ لاحقا على رئاسة الحزب بشكل منفرد.

إعلان

ومنذ ذلك الوقت تحوّل لاهور إلى خصم شرس للقيادة الحالية، وأسس حزب جبهة الشعب الذي خاض به الانتخابات الأخيرة في إقليم كردستان عام 2024.

بافل الطالباني (يمين) وابن عمه لاهور شيخ جنكي قبل الخلاف السياسي بينهما (وكالات)

صراعات حزبية

في خضم هذه التطورات، بث شيخ جنكي رسالة مصورة من سطح الفندق قبل الاقتحام، هاجم فيها قيادة الاتحاد الوطني ووصفها بالفاسدة والخائنة، مؤكدا أنه اختار البقاء في كردستان العراق "من أجل شعبه رغم امتلاكه فرصة العيش في أوروبا".

كما أصدر تسجيلا صوتيا دعا فيه المواطنين للنزول إلى الشوارع ومواجهة ما وصفها بالسلطة المستبدة، مما اعتبره خصومه تحريضا على الفوضى، في حين عدّه أنصاره نداء سياسيا مشروعا.

من جهتها، سارعت حكومة إقليم كردستان إلى التعليق على الأحداث، حيث دعا رئيس الوزراء مسرور البارزاني جميع الأطراف إلى ضبط النفس ووقف أعمال العنف فورا، محذرا من أن استقرار الإقليم يجب ألا يكون ضحية صراعات حزبية داخلية.

في حين قال محافظ السليمانية هفال أبو بكر إن أي مواجهة مسلحة ستنعكس سلبا على السلم الأهلي، مطالبا بالاحتكام إلى القانون والحوار بدلا من لغة السلاح التي تنذر بعواقب وخيمة.

بدورها، أبدت قيادات حزب جبهة الشعب موقفا رافضا لما جرى، حيث صرّح شادمان ملا حسن -القيادي المقرب من شيخ جنكي- للجزيرة نت بأن العملية لم تكن "سوى استعراض قوة يهدف إلى تصفية حسابات داخلية بعيدا عن منطق الدولة"، واعتبر التهم الموجهة إليه ملفقة ولا تستند إلى أسس قانونية.

ولفت إلى أن شيخ جنكي كان عضوا في جهاز الأمن ولا يمكن اعتباره "إرهابيا" كما يحاول خصومه تصويره. وأضاف أن الحزب سيواصل عمله السياسي وسيتواصل مع بغداد وأربيل والبعثات الدبلوماسية الدولية للضغط من أجل إطلاق سراح قائده.

توضيح

من ناحيته، أصدر جهاز أمن إقليم كردستان التابع للاتحاد الوطني الكردستاني بيانا يوضح أن قوات الأمن نفذت فجر اليوم الجمعة عملية استمرت أكثر من 3 ساعات في فندق "لاله‌ زار" بمدينة السليمانية، وتمكنت من السيطرة على الموقع واعتقال جميع المطلوبين وبينهم لاهور جنكي، بعد أن رفضوا تسليم أنفسهم وبادروا بإطلاق النار على القوات، موضحا أن العملية جاءت استنادا إلى مذكرة قضائية.

وذكر البيان أن "الاشتباكات أسفرت عن استشهاد 3 عناصر من قوات الأمن وإصابة 19 آخرين". وأكد أن الأوضاع في السليمانية عادت إلى الاستقرار، وأن المواطنين يمارسون حياتهم الطبيعية، وأن "استقرار المدينة خط أحمر لن يسمح لأي مليشيا بتهديده، في حين سيحال جميع المتهمين إلى القضاء وفق القانون".

وفي تصريحات للجزيرة نت، قال عضوان في مجلس قيادة الاتحاد الوطني، مشترطَين عدم الكشف عن اسميهما، إن "هذا الخلاف كان من الأفضل حله قبل سنوات عبر الحوار، لكن بما أن هناك قضية قانونية الآن، فمن الضروري أن يسود القانون وأن يصدر القاضي قراره وتنتهي القضية عبر المسار القضائي".

كما نفى المسؤولان وجود أي تدخل داخلي أو خارجي في هذا الحدث، مؤكدَين أن الموضوع قانوني بحت. وأشارا أيضا إلى احتمال إعلان الاتحاد الوطني خلال الأيام المقبلة موقفه الرسمي من هذه القضية.

إعلان

ويأتي هذا الاعتقال في لحظة سياسية حساسة مع اقتراب الانتخابات التشريعية العراقية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حيث سبق للقوات الأمنية أن اعتقلت قبل أيام رئيس "تكتل الجيل الجديد" شاسوار عبد الواحد، في خطوة أثارت جدلا واسعا بشأن مستقبل التعددية السياسية في إقليم كردستان.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق