كتب خليل الشيخ:
"اطلعوا من خيامكو اطلعوا من كل المخيم، بدهم يقصفوه، محدش يضل روحوا بعيد"، هكذا نادى المنادي في مخيم "المناصرة" الواقع إلى الشرق من مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة.
وبعد أقل من عشر دقائق كان المواطنون خارج المخيم على بعد مسافة مئات الامتار، مهرولين على الطريق الرئيسي المؤدي غرباً إلى المستشفى، تاركين مقتنياتهم وأغراضهم، حسب المواطن أبو إبراهيم غزال (40 عاماً) الذي كان في المكان.
وقال غزال لـ"الأيام": "محدش بعرف ايش اللي صار بالزبط ولا ليش تم طردنا وإبعادنا عن المخيم، كل اللي بعرفو انو بمجرد ان النازحين غادروا المخيم وقعت ثلاث غارات جوية وسط المخيم أحدثت حفر عميقة".
وذكر شهود عيان أن اتصالات تحذيرية وردت لبعض النازحين في مركز إيواء "المناصرة" من قبل جيش الاحتلال، تطلب إخلاء جميع النازحين والتوجه جنوب غربي دير البلح.
وأضاف: "لم يعد شيء على حالة في المخيم الذي كان يحتوي على نحو 220 خيمة تؤوي نحو أكثر من 250 أسرة مسجلة لدى إدارة المخيم"، مشيراً إلى أنه لم يعد يشاهد إلا خياماً ممزقة يغطيها تراب الحفر التي أحدثها القصف.
"حريق هنا وحريق هناك كان يلتهم بعض الخيام وأصوات لصراخ نساء وأطفال وصلوا للتو إلى أرض المخيم بعد قصفه، لتفقد ما حل به، بعد نحو ساعتين من وصول أول تهديد من قبل قوات الاحتلال"، هكذا علق الناشط وائل، الذي يعمل على توثيق جرائم الاحتلال بكاميرا هاتفه الخاص.
وقال: تخيّل أن نحو 200 خيمة تركها أصحابها على وجه السرعة هرباً من القصف، كانت مليئة بمقتنيات النازحين وأغراضهم الشخصية، غالبيتهم لم يجدوها بعد القصف"، مشيراً إلى أن أغراض هؤلاء تناثرت هنا وهناك، غالبيتها محترقة ولا أحد استطاع تمييز مكان خيمته.
وشوهدت ثلاث حفر عميقة وسط المخيم، الذي تقدر مساحته بنحو خمسة دونمات، كما علا الدخان وألسنة اللهب مناطق أخرى فيه.
واعتبر هؤلاء أنها المرة الأولى التي يجبر الاحتلال مئات النازحين على إخلاء مخيم إيواء تمهيداً لقصفه، دون أسباب معروفة.
وأوضح الشاب وائل: "ساعد تحذير النازحين وخروجهم من الخيام على وجه السرعة على عدم وقوع شهداء، إلا أن المصادر الطبية في مستشفى شهداء الأقصى أبلغت عن وصول بعض الإصابات الطفيفة".
وبعدما قام بجولة توثيقية للمخيم المدمر أشار إلى أنه لن يكون بمقدور هؤلاء إعادة نصب خيامهم في المكان ذاته، نتيجة لتهديد الاحتلال بعدم الإيواء في تلك المنطقة.
"وين بدنا نروح هالقيت وين بدنا نخيم ومن وين نجيب خيام جديدة"، تساءلت النازحة "أم سلمي" في الخمسينيات من عمرها. وقالت: "النا بالمخيم نازحين من حوالي سنة ونص وبنعرفش مكان نروح عليه، والاحتلال قرر يقصفه لكن الحمد لله انهم ابلغونا واستطعنا الهرب"، مؤكدة أن همها القادم كيفية تدبّر أسرتها المكونة من ثمانية أفراد غالبيتهم أطفال.
وأضافت "أم سلمي" وحالها يشبه جميع النازحين في مخيم "المناصرة": "طيب لو دبرنا الخيمة من وين ندبر أواعي وأدوات منزلية وفرشات وأغطية وجالونات وبراميل مياه، كل هدول راحوا في القصف".
وانشغل بعض هؤلاء النازحين المتضررين من قصف المخيم في لملمة ما تيسّر من أغراضهم التي سلمت من الحرق والقصف، لتكون عوناً لهم في الأيام القادمة، التي ستكون صعبة عليهم وهم يبحثون عن ملاذ جديد.
0 تعليق