مضى على إقرار القانون رقم 1 لسنة 1993 بشان حماية الأموال العامة أكثر من 30 عاما، وتعرض هذا القانون للعديد من محاولات التعديل التى لم تنجح، حتى جاء مشروع الفتوى والتشريع فى عام 2025 ليلقى بظلاله حول مدى تقبل هذا القانون بنصوصه المشددة فى ظل التوجه نحو جعل الكويت مركز مالى اقتصادى.
بالاطلاع على القانون القائم لسنة 1993، جاءت المادة (2) وحددت ما يعتبر مالاً عاماً وتلك المادة لم يرد عليها أية تعديلات فى المشروع الجديد وظلت قائمة دون تعديل، وبالتالي فإن المقصود بالمال العام ظل قائماً كما هو ومنه الشركات والجهات والمؤسسات الخاصة التي تمتلك أو تساهم الدولة فيها بنسبة لا تقل عن 25% برأس مالها بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
أما المادة (3) من القانون القائم نصت على أنه يعد في حكم الموظف العام في تطبيق أحكام هذا القانون الأشخاص المنصوص عليهم في المادة (43) من القانون رقم 31 لسنة 1970 المشار إليه. ومؤدى ذلك أن المشرع في القانون القائم قد أسبغ الحماية بالتساوى بين المال العام والوظيفة العامة ذاتها أو ما في حكمها من خلال اعتبار القائم عليها في حكم الموظف العام.
فعلى سبيل الماثل فإن الحارس القضائي ليس موظفاً عاماً ولكنه في حكم الموظف العام وبالتالي فإن المال المسلم إليه لحراسته إن كان مالاً خاصاً مملوك للأفراد العاديين بنسبة 100% تحول إلى مظلة حماية قانون حماية الأموال العامة باعتباره القائم عليه في حكم الموظف العام.
ونصت ذات المادة السابقة على استبدال عبارة «موظف عام ومن في حكمه» بعبارة «موظف عام أو مستخدم أو عامل» أينما وردت في القانون رقم (1) لسنة 1993 المشار إليه.
ومؤدى هذا التعديل اتساع مفهوم الموظف العام وإمكانية استيعابه صفات وظيفية جديدة مستقبلا، حيث أن النص الجديد نجد صداه في تعديل المادة (3) والتي وإن كان ظاهرها لم يأت بأي تعديل إذ أن نصها هو ذات نص المادة (43) من القانون رقم 31 لسنة 1970 إلا أنه مع ربط نص المادة (3) المادة الأولى من المشروع سوف يتضح اتساع مفهوم الموظف العام باعتبار أن كافة الشركات والمؤسسات التي تساهم فيها الدولة بأي نصيب في حكم الموظف العام بمعنى أنه موظف عام وبالتالي سوف تخضع هذه الوظيفة لحماية قانون حماية المال العام وخاصة المادة (14) من القانون رقم (1) لسنة 1993 وقانون 2 لسنة 2016 بشأن إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد وإقرارات الذمة المالية بالنسبة لصفة مدير وما فوق.
وذلك أنها لم تقصر التجريم بما يعتبر مالاً عاماً بل قصره على الموظف العام وبالتالي أي قرار من شأنه يؤدي إلى الإضرار بمال الشركة التي تساهم فيها الدولة بأي نصيب كان يخضع لحكم تلك المادة والتي تصل إلى حد الحبس الذي لا تقل مدته عن ثلاث سنوات والغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف دينار، وعلى الموظف في القطاع الخاص بعد إصباغ وصف الموظف العام عليه.
كما أن المادة (12) من المشروع أخضع الموظف العام «حسب التعريف السابق» إلى جريمة الرشوة بغض النظر عما إذا كان المال عاماً «نسبة 25% مملوكة للدولة من عدمه»، طالما أنه يخضع لحكم الموظف العام، ومن ثم قيام أي موظف في القطاع الخاص (بنك أو شركة) تساهم فيها الدولة بأي نسبة وتحصل لنفسه أو غيره على منفعة أو مال يعتبر مرتكباً لجريمة الرشوة.
وتلك الإشكاليات الناتجة عن عدم ربط التعديلات بالمقصود بالمال العام يثير اللبس والغموض حول آلية إنفاذ القانون ووضع كافة العاملين بالقطاع الخاص الذي تساهم فيه الدولة بأي قدر تحت مظلة قانون حماية الأموال العامة بما يحد من استقلالية القطاع الخاص ويثير احجاماً متوقعا عن التعاون مع المؤسسات والجهات الحكومية بما يضر بالتعاون بين القطاع الخاص والقطاع العام.
ومن جانب آخر.. إن إقرار المسؤولية الجنائية للأشخاص الاعتباريين يحمل توسعا ملحوظا ومؤثرا في العلاقة ما بين القطاعين الحكومى والخاص، حيث سيؤدى الى تحمل فئة المساهمين فى القطاع الخاص تبعة ارتكاب موظف تابع هذه المسئولية.
وعليه نرى ضرورة ربط التعديلات أي ما كانت وقصرها على الجهات المنصوص عليها في المادة 2 من قانون حماية الأموال العامة حصراً، وعدم صياغتها في شكل عام بحيث يكون النص على الموظف العام لدى إحدى الجهات المشار إليها في المادة الثانية من القانون" وبذلك يتم إزالة اللبس في تطبيق التعديلات بحيث يخرج عن نطاقها الموظفين العاملين في القطاع الخاص والتي تساهم فيه الدولة بأقل من 25% من رأس المال.
0 تعليق