إندونيسيا بعد 80 عاما.. من تضاعف المساحة إلى معركة الأمن البحري - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

جاكرتا- قبل 80 عاما، وفي 17 أغسطس/آب 1945، أعلن عن استقلال إندونيسيا، بعد قرون من مقاومة الاستعمار الهولندي وقبل ذلك البرتغالي والإسباني وحتى البريطاني، وقد قدمت في الطريق إلى الحرية والاستقلال العديد من التضحيات بمشاركة عشرات السلطنات وقادتها وسكانها.

وكان ذلك الاستقلال ثمرة نضال طويل قدّم خلاله الإندونيسيون عشرات الآلاف من الشهداء من أقصى غرب البلاد إلى أقصى شرقها، ومع أن إعلان الاستقلال تمّ على يد الزعيمين أحمد سوكارنو ومحمد حتا عام 1945، فإن هولندا لم تعترف به إلا بعد 4 سنوات من حرب دامية عُرفت بالثورة الوطنية الإندونيسية.

إندونيسيا في عيدها استقلالها الثمانين البحرية الإندونيسية
الرئيس سوبيانتو حذر من "التسرب الهائل للثروة الوطنية" (صفحة الرئيس على إكس)

خطاب تحذيري

وفي الذكرى الثمانين لاستقلال إندونيسيا، حذّر الرئيس برابوو سوبيانتو -أمام البرلمان في كلمته السنوية للأمة- من خطر تحوّل بلاده إلى "دولة فاشلة" إذا استمر ما وصفه بـ"التسرب الهائل للثروة الوطنية" مؤكدا التزامه بحماية الموارد الوطنية وتعزيز القدرات الدفاعية وسط حالة من عدم اليقين الجيوسياسي.

وديمغرافيا، وحسب أول تعداد أجري بعد الاستقلال بنحو 15 عاما في أكتوبر/تشرين الثاني 1961، كان عدد سكان إندونيسيا حينها 97 مليون نسمة، وقد بلغ عددهم بعد 8 عقود 284.4 مليون نسمة، حسب هيئة الإحصاء الوطنية.

وهم يشكلون بذلك 41% من سكان دول منطقة جنوب شرق آسيا "آسيان" وهي اليوم أكبر دولة في العالم الإسلامي، والرابعة في العالم بعد الصين والهند وأميركا.

وخلال هذه المدة، لم يتضاعف عدد السكان فقط بل تضاعفت أيضا مساحة إندونيسيا الجغرافية، فبعد أن كانت مساحتها عند الاستقلال 1.9 مليون كيلومتر مربع (مساحة اليابسة) باتت اليوم 8.3 ملايين كيلومتر مربع، بعد اعتراف الأمم المتحدة بمفهوم "الدولة الأرخبيلية" الذي تبنته إندونيسيا عبر إعلان "جواندا" عام 1957.

إعلان

وبموجب إعلان جواندا، بسطت إندونيسيا سيادتها على البحار بين جزرها البالغ عددها أكثر من 17 ألف جزيرة، لتصبح أكبر دولة أرخبيلية في العالم.

تهديدات خارجية

لكن هذه المكانة جعلت بحار إندونيسيا مسرحا للتوترات الإقليمية والدولية، فبحر ناتونا الشمالي، المتداخل مع خرائط بحر جنوب الصين، يشهد توغلا متكررا لسفن صيد وأبحاث صينية، فضلا عن مئات السفن الفيتنامية. ويؤكد خبراء الأمن البحري أن ضعف قدرات الدوريات البحرية يشكل ثغرة تستغلها هذه القوى، في وقت يتعين على إندونيسيا تعزيز أسطولها البحري وتحديث أنظمة المراقبة.

وإلى جانب المخاطر الخارجية، تواجه إندونيسيا تحديات داخلية تتعلق بالفقر والتفاوت الاقتصادي في المناطق الساحلية، وضعف البنية التحتية للنقل بين الجزر، وجرائم الصيد غير المشروع، والتهريب، والاتجار بالبشر، والتلوث البحري، ووفق بيانات التخطيط التنموي لعام 2023 بلغ معدل الفقر بين سكان السواحل أكثر من 11%.

ويؤكد خبراء أن مستقبل إندونيسيا كقوة إقليمية يعتمد على إدارتها لبحارها، فهي شريان اقتصادها ومصدر رزق الملايين من سكانها، إضافة إلى كونها ممرا إستراتيجيا بين الولايات المتحدة والصين. وبالتالي فإن تعزيز الأمن البحري، وتبني سياسات استدامة للموارد البحرية، والانخراط الدبلوماسي وفق القانون الدولي، عوامل حاسمة لضمان أن يظل "الاستقلال" الذي تحقق قبل 80 عاما قائما ومستداما.

ومن جانبه، أكد إمام براكوسو كبير خبراء الأمن البحري في معهد "المبادرة الإندونيسية للعدالة في المحيطات" -عن التحديات التي تواجه بلاده كدولة جزرية في ظل التوتر بالمياه المحيطة- أنه مع تزايد حدة التطورات في بحر جنوب الصين وعدم ظهور أي بوادر تهدئة للأوضاع، فإن أولوية إندونيسيا تتمثل في "تعزيز قدرات نظام الأمن البحري".

إندونيسيا في عيدها استقلالها الثمانين البحرية الإندونيسية
سفن البحرية الإندونيسية تشارك في مناورات مع مجموعة حاملة الطائرات البريطانية "إتش إم إس برينس أوف ويلز" (سلاح البحرية)

أهمية بحرية

وأشار براكوسو -في حديثه للجزيرة نت- إلى أهمية بحار إندونيسيا جيوإستراتيجيا وعسكريا بالقول إن "البحار الإندونيسية ممر يربط بين مواقع القوى الجيوسياسية العالمية، أميركا والصين، والتهديدات الأمنية البحرية المرتبطة بهذه الحالة تتمثل في تعرض البحار الإندونيسية للاستكشاف غير القانوني بما يخالف القانون الدولي".

ولفت إلى أن "إندونيسيا لديها مهمة إنجاز تحديد الحدود البحرية مع الدول المطلة على بحر جنوب الصين، حيث تجب المصادقة على حدود المنطقة الاقتصادية الخاصة مع فيتنام على وجه السرعة بعد أن تم الاتفاق على هذه الحدود".

وفي ظل تداخل المزاعم في بحر جنوب الصين ولأن جزءا من مياه إندونيسيا في خرائط الصين، فإن خبير الأمن البحري الإندونيسي يحذر من أن تؤثر النزاعات في هذا البحر على الأمن البحري في بحر ناتونا الشمالي (شمالي إندونيسيا) لأن هذه المنطقة تقع على حدود بحر جنوب الصين.

إندونيسيا في عيدها استقلالها الثمانين البحرية الإندونيسية
إندونيسيا تحتفل بيوم استقلالها الثمانين (سلاح البحرية)

ودعا براكوسو إلى تقدير الجهود التي تبذلها أجهزة إنفاذ القانون الإندونيسية المختصة في البحر بالرد بشكل مناسب على تدخل السفن الصينية التي تنتهك السيادة في بحر ناتونا الشمالي، مشيرا إلى ضرورة تعزيز هذه القدرة حتى يمكن طرد هذه التهديدات على الفور، وأن يدعم ذلك بجهود دبلوماسية تستند إلى القانون الدولي لتعزيز موقف جاكرتا.

إعلان

كما دعا إلى تحسين لوائح إدارة نظام الأمن والسلامة البحرية للسفن، والاستجابة السريعة لحوادث البحار، قائلا "لا يمكن للحكومة أن تعمل بمفردها في إدارة البحار بما في ذلك الحفاظ على أمنها، يجب فتح الباب أمام مشاركة المجتمعات واستخدام أحدث التقنيات لمساعدة الحكومة في تعزيز نظام الأمن البحري ودفع عجلة الاقتصاد المجتمعي".

وحذر براكوسو من أن إندونيسيا ما زالت عاجزة عن تأمين بحارها بشكل كامل، إذ سجل مؤشر الأمن البحري لعام 2023 مستوى 56 ضمن فئة "كافي" وتستمر التحديات في جرائم الصيد غير المشروع، والتهريب، والتجارة غير القانونية، والاتجار بالبشر واستغلالهم، إضافة إلى التلوث البيئي، والقرصنة، والتعدين البحري غير المشروع.

وأضاف أن إندونيسيا تشهد تدميرا متواصلا للنظم البيئية البحرية، وهو ما يعجّل بآثار تغير المناخ. أما المجتمعات الساحلية -التي تعتمد على البحر كمصدر رئيسي للرزق- فتواجه تداعيات اجتماعية واقتصادية ملموسة جراء ضعف الأمن البحري. ووفق هيئة التخطيط التنموي، بلغ معدل الفقر بين سكان السواحل عام 2023 نحو 11.02%.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق