وفاء النيل.. قصور الثقافة تُجدد العهد مع شريان الحياة بفعاليات متنوعة بالمحافظات - هرم مصر

صدي البلد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

منذ فجر التاريخ، ظل النيل كتابًا مفتوحًا يروي قصة مصر؛ نهر يفيض بالحياة كل عام، يروي الأرض والإنسان معًا، فتتشكل على ضفافه الحضارات وتزدهر الفنون، في عيد وفائه، تتجدد الطقوس ويستعيد المصريون ذاكرتهم مع ماءٍ لم يخن يومًا، ومع هوية ارتبطت بالنهر الذي لا ينضب عطاؤه.

في إطار مبادرة "النيل عنده كتير.. لعزة الهوية المصرية" التي أطلقتها وزارة الثقافة احتفاءً بعيد وفاء النيل، نظمت الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان سلسلة واسعة من الفعاليات الثقافية والفنية على مستوى الجمهورية، جاءت هذه الفعاليات لتؤكد أن النيل ليس مجرد مجرى مائي، بل هو شريان حياة ومعنى عميق متجذر في وجدان المصريين عبر العصور.

البحيرة.. النيل في التاريخ والأدب والفن

شهدت محافظة البحيرة برامج تثقيفية وفنية امتدت لعدة مدن، حيث نظم قصر ثقافة المحمودية ندوة بعنوان "النيل شريان الحياة" بالمعهد الثانوي الأزهري للفتيات. تحدث خلالها د. علاء رجب النحاس عن البعد التاريخي والأثري للنهر وأسطورة عروس النيل، فيما تناول محمد توتو، مدير القصر، صورة النيل في الأدب والشعر والسينما.

وفي الدلنجات، استعرض عثمان السراج التحديات التي تواجه النهر مثل التلوث والتغير المناخي، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على هذا المورد الحيوي. كما نظمت مكتبات إدكو وإيتاي البارود ودرشاي محاضرات مشابهة ناقشت البعد الحضاري والبيئي للنهر، بينما أُقيمت ورش حكي للأطفال في مكتبة مصر العامة بدمنهور لتعليم الأجيال الجديدة تقديس المصريين القدماء للنهر واحتفالاتهم التاريخية بعيد وفائه.

أسيوط.. النيل في وجدان الأطفال

أما في أسيوط، فقد تنوعت الأنشطة بين ورش فنية ولقاءات توعوية، حيث استعرض رمضان سيد أحمد مكانة النهر في بناء الحضارة ودوره في الزراعة والصناعة، فيما عرفت الباحثة راندا هيكل الأطفال بمصادر النيل وروافده، وناقش محمود الزهيري مختارات أدبية جسدت جمال النهر.

كما أقيمت ورش حكي في صدفا ومنفلوط والغنايم وساحل سليم، ناقش خلالها الأدباء والشعراء دور النيل كرمز للعطاء والخير. ولم يقتصر الأمر على المحاضرات، بل نفذ الفنانون ورش رسم للأطفال، أبرزها ورشة الفنان إبراهيم حسين في قصر ثقافة أسيوط، حيث جسد الصغار النهر والطبيعة بالألوان، لتتحول جدران القاعات إلى لوحات تنبض بالماء والحياة.

الجيزة.. النيل في عيون السينما

وفي الجيزة، نظمت الإدارة العامة لثقافة الطفل يومًا ثقافيًا مميزًا لأطفال جمعية التثقيف الفكري بمسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية. شمل البرنامج عرض فيلم رسوم متحركة بعنوان "عروس السينما" يحكي عن دور النيل في مصر القديمة، إلى جانب فيلم تسجيلي عن حفر السد العالي وأثره في التنمية وحماية الأراضي من الفيضانات والجفاف. وقد هدفت هذه الفعاليات إلى ربط الأطفال بين الماضي والحاضر، وإبراز النيل كرمز للتنمية والاستقرار.

المنيا.. ختام احتفالي على أنغام النهر

واختتمت المنيا احتفالاتها بفعالية كبرى بعنوان "النيل شريان مصر" على كورنيش النيل. بدأ الحفل بالسلام الوطني، ثم قدّم كورال أطفال المنيا بقيادة المايسترو عصام الشاذلي باقة من الأغاني الوطنية والعاطفية مثل "مشربتش من نيلها" و*"يا حبيبتي يا مصر"*. وقد تفاعل الجمهور مع الأجواء الفنية التي جمعت بين الطرب وحب الوطن، لتصبح الاحتفالية لوحة موسيقية بديعة تستحضر روح النهر في قلوب الحاضرين.

رسالة الثقافة

هذه الاحتفالات التي توزعت على المحافظات، وأشرفت عليها الأقاليم الثقافية المختلفة، لم تكن مجرد مناسبات عابرة، بل رسالة من وزارة الثقافة بأن النيل هو رمز الهوية المصرية وعمودها الفقري، فمن خلال الندوات والمحاضرات وورش الحكي والفن والعروض الغنائية، تم غرس قيمة النهر في نفوس الأجيال الجديدة، وإعادة التذكير بعظمته ودوره الحضاري الممتد عبر آلاف السنين.

فالنيل، الذي ألهم الشعراء وألهب خيال المبدعين، ما زال حتى اليوم يفيض بالعطاء، ووفاؤه لمصر لم ينقطع يومًا، ومن ثمّ جاء عيد وفائه ليكون مناسبة لإحياء الوعي بضرورة الحفاظ عليه وصونه من التلوث والهدر، وفاءً لوفائه، وحفاظًا على شريان الحياة الممتد من الماضي إلى المستقبل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق