نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
شارلي كيرك: حين يرتدّ خِطاب الإبادة على صاحبه - هرم مصر, اليوم الخميس 11 سبتمبر 2025 12:10 مساءً
لم يكُن اغتيال النّاشط السياسيّ الأميركيّ "شارلي كيرك" حدثًا عابرًا في سجلِّ العُنف السياسيّ الأميركيّ. الرَّجُل الّذي كرّس خطابَه لتبريرِ إبادة الفلسطينيينَ في غزّة، ووصفَ ضحاياها بأنَّهُم "حيوانات"، انتهت حياته برصاصةٍ في عُنقِه، في قلبِ بلده، لا على أرض "عدوّه" المُفترَض، بل وسطَ جمهورِه الّذي طالما خاطبَهُ بلُغةِ التّحريض والتعبئة.
كيرك كان نموذجًا صارخًا للخطابِ المُتطرِّف الّذي يُحلّل القتلَ الجماعيّ خارجَ الحدود، باعتباره "ضرورة" لبقاء أميركا قويّة. ما لم يُدرِكهُ "كيرك" أنّ شرعَنة العُنف في الخارج لا تبقى حبيسةَ الجُغرافيا، بل ترتدّ إلى الدَّاخل. فالّذي يُبرّر قتلَ شعبٍ بأكمَله في غزّة، بدعوى "استعادة العظمة"، لا يلبث أن يجدَ نفسهُ ضحيّة لذاتِ المنطق الّذي مجّدَ العُنف، واعتبره وسيلة للتّغيير.
هذه الحادِثة تفضح مأزقًا أخلاقيًا عميقًا في المشهدِ الأميركيّ. فالسياسةُ لم تعُد مجالًا للتّداول والحِوار، بل ساحةً للصّراعِ الصفريّ. حيثً لا مكانَ للتّسويات. كيرك لم يكتفِ بالتّحريض ضدّ الفلسطينيينَ والمُسلمين، بل صوّبَ سهامه، أيضًا، نحو خصومه داخل المُجتمع الأميركيّ. بهذا يكون قد ساهمَ في تحويلِ الخلاف السياسيّ إلى عداوةٍ وجوديّة، تُغذّيها لُغة شيطنة مُتبادَلة، لا تُنتِج سوى المزيد من العُنف.
إنَّ اغتيالَ أيّ شخصٍ -حتى لو كان حاملًا لخطابٍ دمويّ- يبقى علامة مرضٍ في المُجتمع، وانحدارًا إلى منطقِ "القنص" بدل الحوار". لكن، المُفارقةُ المؤلِمة، تكمُن بأنَّ "كيرك" قُتلَ بالرّصاصةِ نفسها، الّتي باركَ انطلاقها على الآخرين. وكأنّ رسالة القدَر تقول: من يزرع منطق الإبادة، سيحصد منطق الاغتيال.
بالنّسبةِ لي، وبناءً على التصدُّعات الظّاهِرة في المُجتمع الأميركيّ، فإنَّ أميركا وضِعَت في حلبةٍ ضيّقة ؛ لتواجِه "شبحها". فقتل "كيرك" لن يُطفئ نارَ الانقِسام، بل سيزيدها اشتعالًا. فتيارُه سيُقدّمهُ "شهيدًا للقِيم المُحافِظة"، ويستمرّ في تعبئةٍ أوسع، وهذا ما لُمِس مِن تصريحات مَن كانوا دّعامينَ ومؤيّدينَ له مِن القيادات الأميركيّة العُليا، فيما سيذكّر آخرون بأنّ خِطابه نفسُه هو الذي غذّى بيئةَ الكراهيّة. والنّتيجة هُنا، ستكون واحدة: أميركا تقِف أمامَ شبحها الخاص، إذ يلتهِمها التطرُّف الّذي رعتّهُ ضدّ الآخرين.
وأخيرًا، فإنَّ حادِثة اغتيال "شارلي كيرك" تختصرُ مأساة مزدوجة: مأساة الفلسطينيينَ الّذين عانوا من خِطابه الدَّاعم لإبادتهم، ومأساة الأميركيينَ الذين اكتشفوا أنَّ هذا الخطاب، وقد أُطلق في الخارج، عاد إليهم في الدَّاخل. إنّها إشارةٌ إلى أنَّ العُنف، متى ما شُرعِن، لا يعرف حُدودًا جغرافيّة، بل ينهش في النّهاية جسدَ من غذّاه.
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : شارلي كيرك: حين يرتدّ خِطاب الإبادة على صاحبه - هرم مصر, اليوم الخميس 11 سبتمبر 2025 12:10 مساءً
0 تعليق