نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الغارة الصهيونية على الدوحة: هل باتت العواصم العربية مستباحة؟ #عاجل - هرم مصر, اليوم الأربعاء 10 سبتمبر 2025 11:30 صباحاً
كتب أحمد عبد الباسط الرجوب *
رسالة استباحة من إسرائيل بغطاء أمريكي
بقصف العاصمة القطرية الدوحة، لم تقصف إسرائيل مجرد مقر لقيادة حماس؛ بل قَصَفَتْ بوقاحة كلَّ قاعدة من قواعد القانون الدولي، وكلَّ أساس من أسس الدبلوماسية، وكلَّ وهمٍ بوساطة أمريكية نزيهة. هذه الغارة غير المسبوقة هي إعلان صريح، كما وصف رئيس الكنيست، بأنها "رسالة لكل الشرق الأوسط". رسالة مفادها أن لا حصانة لأي عاصمة عربية – من صنعاء إلى بيروت إلى دمشق والدوحة – وأن إسرائيل، تحت حماية واشنطن الضمنية، قادرة على انتهاك سيادة أي دولة تختارها. والسؤال الذي يفرض نفسه: من عليه الدور غداً؟
الغدر بدار الوساطة: الوجه الحقيقي للوساطة الأمريكية المأزومة
لطالما تَشَرفَتْ قطر بدور الوسيط النزيه، واستضافت مفاوضات شاقة على مدار عامين، ليكون مصير هذا الجهد الدبلوماسي أن تُطعن بالسكين من الخلف. الهجوم الإسرائيلي على قيادة حماس في الدوحة هو إعلانٌ بانتهاء العملية التفاوضية وإحباطٌ متعمَّد للخطة الأمريكية نفسها. والمفارقة الصادمة أن الضربة جاءت في لحظة حرجة، حيث كانت قيادة حماس على وشك الرد على مقترحات وساطة أمريكية.
هذا التوقيت لا يمكن أن يكون صدفة. إنه يؤشر إلى أمرين: الأول هو أن لا عقل استراتيجي في إسرائيل يريد السلام، بل نزعة توسعية مجنونة. الثاني، والأخطر، هو عدم نزاهة وفعالية الوساطة الأمريكية. فالحليف الأول لواشنطن لا يتردد في تفجير عملية تفاوض ترعاها واشنطن نفسها، مما يكشف أن الإدارة الأمريكية عاجزة عن ضبط حليفها، أو أنها تتواطأ ضمنياً مع أجندته، مما يجعل وساطتها مجرد مسرحية لإضفاء الشرعية على استمرار العدوان.
الموقف الأمريكي المتناقض: ازدواجية مقصودة وفشل مُتعمَّد
الموقف الأمريكي من هذه الغارة هو تجسيد حي للازدواجية والتناقض. فالانقسام في واشنطن ليس حقيقياً بقدر ما هو مُوظَّف لخدمة الهدف ذاته: تمكين إسرائيل.
- ترامب هو أكثر من يعادي الفلسطينيين بمواقفه المتطرفة التي تصل إلى حد ما يُوصف بمعاداة السامية الجديدة ، كان يدعم صفقة لإنهاء الحرب، لكنه في ذات الوقت يدعم التيار الأيديولوجي اليميني المتطرف بقيادة نتنياهو الذي يكره الفلسطينيين ويكره إسرائيل الديمقراطية في الوقت ذاته.
- بايدن، من ناحية أخرى، "يدعم إسرائيل ويكره نتنياهو"، لكن هذا "الكره" الشخصي لم يترجم أبداً إلى أي إجراء فعلي لكبح جماح الأخير. بل على العكس، تستمر الولايات المتحدة في تزويده بالسلاح والدبلوماسية.
النتيجة هي سياسة أمريكية مشلولة ومتعمدة في آن واحد: شجبٌ علنيٌّ لتصرفات نتنياهو، ودعمٌ غير محدودٍ له على الأرض. هذا التناقض ليس بريئاً؛ إنه يمنح الغطاء للعدوان الإسرائيلي ويُطيل أمد الحرب، بينما تقدم واشنطن نفسها للعالم كطرف محايد وحيد، وهي التي تمول العدوان وتمنعه من المساءلة.
الرهائن والحرب: كشف الورقة الأمريكية
بصراحة، الاستنتاج الوحيد هو أن إسرائيل غير مهتمة بإطلاق سراح الرهائن، وأن الادعاءات الأمريكية بجعلهم أولوية هي مجرد ورقة للتضليل. الأدلة دامغة: فبدلاً من متابعة المسار الدبلوماسي، يتم قصف الدولة التي تستضيف المفاوضات. الهدف الحقيقي هو إطالة أمد الحرب لارضاء بن غفير وسيموتريش وشراء بقاء نتنياهو السياسي، حتى لو كان الثمن استقرار المنطقة وأرواح الجميع، بما فيهم الرهائن.
الخاتمة: على العرب تجاوز وهم الوساطة الأمريكية والتحرك الفعلي
لقد انكشفت الأوراق تماماً. نتنياهو يريد البقاء زعيماً والعربدة في كل مكان، والوساطة الأمريكية إما عاجزة أو متواطئة. لقد أصبح من الواضح أن السلام لن يتحقق بين العرب وإسرائيل طالما تشعر إسرائيل بحرية القصف بدعم أمريكي.
لقد حان الوقت لكي يدرك العالم الحر أن الاختبار الحقيقي لمبادئه هو الوقوف ضد محاولة اغتيال من يتفاوضون على وقف القتال. أما الدول العربية، فقد تجاوزت إسرائيل كل الخطوط الحمراء. لم يعد مقبولاً الرد باستنكارات وإدانات جوفاء.
المطلوب اليوم هو تحرك عربي موحَّد وجريء:
1. تحرك دبلوماسي في الأمم المتحدة لكشف وتجريم العدوان.
2. مراجعة العلاقات السياسية والاقتصادية مع حكومة نتنياهو المتطرفة.
3. الضغط المباشر على الحلفاء الغربيين لإسرائيل بوضع شروط واضحة لاستمرار العلاقات معهم.
4. بناء استراتيجية عربية مستقلة للضغط، لا تتوسل بالوساطة الأمريكية المنحازة.
لن تردع إسرائيل إلا بثمن باهظ. السيادة العربية والسلم الإقليمي ومستقبل الأجيال القادمة على المحك، والوقت ليس في صالح من ينتظرون وساطةً منحازةً من طرفٍ غير نزيه.
* باحث وكاتب استراتيجي - الاردن
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : الغارة الصهيونية على الدوحة: هل باتت العواصم العربية مستباحة؟ #عاجل - هرم مصر, اليوم الأربعاء 10 سبتمبر 2025 11:30 صباحاً
0 تعليق