"السردية الوطنية".. محطة مهمة في مسار الإصلاح الاقتصادي - هرم مصر

الجمهورية اونلاين 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"السردية الوطنية".. محطة مهمة في مسار الإصلاح الاقتصادي - هرم مصر, اليوم الخميس 11 سبتمبر 2025 07:43 مساءً

هرم مصر - من جانبهم أكد خبراء الاقتصاد أن السردية الوطنية تقوم علي أساس فتح المجال أمام القطاع الخاص وهي أهم إستراتيجيات تنمية الاقتصاد الوطني. مؤكدين أن الحكومة تركز خلال الفترة الحالية علي تعزيز مشاركة القطاع الخاص والشراكة بين القطاع الخاص والعام. والتي تسهم في تعميق الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد علي الاستيراد وتوفير فرص العمل وتحسين مستوي دخل المواطن وتحسين مستوي معيشته.

قالوا إن السردية الوطنية تهدف إلي دعم معدل النمو وتوفير فرص العمل. وذلك بإحداث تحول نوعي في النموذج الاقتصادي المصري لتعزيز قدرته التنافسية وتحفيز مشاركة القطاع الخاص وذلك عبر محاور أساسية أهمها ترسيخ استقرار الاقتصاد الكلي في ظل التحديات الراهنة. إضافة إلي إعادة تحديد وتعريف دور الدولة في الاقتصاد ليفتح المجال بشكل أوسع وأكبر أمام القطاع الخاص. إضافة إلي إعادة توجيه النشاط الاقتصادي إلي القطاعات ذات القيمة المضافة القابلة للتصدير.

موضع نقاش

يقول د. محمد البنا استاذ الاقتصاد بجامعة المنوفية إن دور الدولة في النشاط الاقتصادي يتحدد وفقا للنظام الاقتصادي الذي يحدده دستور الدولة. لكن الدستور المصري عالج النظام السياسي ولم يتطرق للنظام الاقتصادي إلا لماما. مما جعل موضوع دور الحكومة في النشاط الاقتصادي موضع نقاش.
أضاف أنه من خلال بعض السياسات والممارسات الحكومية يمكن القول إن النظام الاقتصادي في مصر يرتكز علي مبادئ اقتصاد السوق. وليس من الوارد بطبيعة الحال الحديث عن تطبيق مبادئ اشتراكية في مصر حاليا.
والأصل في دور الحكومة في النشاط الاقتصادي - حسب د. البنا - هو "توفير ما يعرف بالسلع العامة. والحماية الاجتماعية. ورسم السياسات الاقتصادية". وتتمثل السلع العامة في خدمات الدفاع والأمن والعدالة. والمرافق العامة بما فيها البنية الأساسية وشبكات المياه والكهرباء والغاز والصرف الصحي. فضلا عن إنفاذ القانون وحفظ النظام وضمان حقوق الملكية الخاصة. كما تشمل الحماية الإجتماعية نظم الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي. والتعليم الأساسي. والصحة العامة وحماية البيئة. والعدالة الاجتماعية.
أضاف أن ممارسة النشاط الاقتصادي عموما فهو حق أصيل للأفراد والقطاع الخاص المنظم في صورة شركات. حيث الموارد الاقتصادية أساسا ملك لأفراد المجتمع وليس للحكومة. والنشاط الاقتصادي. من إنتاج واستهلاك وادخار واستثمار. وتصدير واستيراد. تتطلب دوافع فردية وقدرات تنظيمية ومبادرات في ريادة الأعمال لا تتوفر في الأصل في موظفي الحكومة. حيث يأتي الاستثناء عندما تبيح الضرورات المحظورات. فنلجأ لإدارة الأنشطة التي تتسم بسمات الاحتكار الطبيعي من خلال ما يعرف بالقطاع العام. كما في شركات المياه والكهرباء والغاز والصرف الصحي والموانئ والمطارات والنقل العام وغيرها من الأنشطة التي لها سمات احتكارية أو تحقق نفع عام غالب مثل التعليم الأساسي والرعاية الصحية الوقائية والحفاظ علي البيئة.

نقلة نوعية

أكد الدكتور الاقتصاد . أستاذ الإدارة والخبير الاقتصادي والقانوني. أن إطلاق - السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية: السياسات الداعمة للنمو التشغيلي - يمثل نقلة نوعية في الفكر التنموي المصري. إذ تسعي الدولة إلي إعادة تعريف دورها في النشاط الاقتصادي. لتتحول من دور تشغيلي مباشر إلي دور تنظيمي وممكّن وشريك استثماري. بما يعزز كفاءة تخصيص الموارد ويضمن استدامة النمو في ظل الجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
أضاف أن هذا التحول يأتي اتساقًا مع وثيقة سياسة ملكية الدولة. التي أعلنت لأول مرة في 2022. وتستهدف خفض حصة الدولة تدريجيًا في أكثر من 79 قطاعًا اقتصاديًا. مع منح مساحة أكبر للقطاع الخاص ليصبح المحرك الرئيسي للتوظيف والنمو. وقد انعكس ذلك في زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاستثمارات المنفذة من 32% في 2020 إلي نحو 40% في 2024. مع خطط لرفعها إلي أكثر من 60% بحلول 2030.
أشار إلي أن وثيقة أبرز التوجهات الإستراتيجية للمرحلة الرئاسية 2024-2030 تؤكد علي - اقتصاد منفتح ومرن. يقوم علي تعميق التصنيع المحلي. وتوسيع التصدير. وتحفيز الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي. بما يضمن رفع معدل النمو الاقتصادي المستدام إلي 6- 7% سنويًا. وخفض معدلات البطالة إلي أقل من 6% بحلول نهاية العقد.
أوضح أن هذا التوجه محكوم بإطار تشريعي حديث. يأتي علي رأسه قانون التخطيط العام للدولة رقم 18 لسنة 2022. الذي أرسي مبادئ الشفافية والمساءلة وربط الموازنات العامة بالأهداف التنموية. مع تعزيز مشاركة المجتمعات المحلية في إعداد خطط التنمية. هذا القانون منح مرونة في إعادة ترتيب أولويات الإنفاق والاستثمار بما يتماشي مع التحولات الاقتصادية الكبري.

حوافز استثمارية 

وتابع أن قانون الاستثمار وما تلاه من تعديلات خاصة بالحوافز الاستثمارية لعب دورًا حيويًا في تشجيع القطاع الخاص. حيث تم منح إعفاءات ضريبية تمتد من 3 إلي 10 سنوات في بعض المناطق. بجانب حوافز جمركية لتشجيع الصناعات التصديرية والتكنولوجية. وقد ساهمت هذه الحوافز في جذب استثمارات أجنبية مباشرة بلغت 12.1 مليار دولار في العام المالي 2023/ 2024. بزيادة قدرها 24% عن العام السابق.
أكد أن نجاح الإصلاح الاقتصادي المصري منذ 2016 وحتي الآن هو الركيزة الأساسية لهذه السردية. حيث انخفض عجز الموازنة من 12.5% من الناتج المحلي في 2016 إلي أقل من 6.2% في 2024. وارتفع الاحتياطي النقدي الأجنبي إلي 48.7 مليار دولار في منتصف 2025 مقارنة بـ 16 مليار دولار فقط قبل بدء الإصلاح. هذه المؤشرات تعكس قدرة الدولة علي تهيئة بيئة مستقرة ومهيأة لتوسيع دور القطاع الخاص.
ولفت إلي أن هذه الرؤية تستهدف أيضًا تعزيز العدالة الاجتماعية عبر توجيه الوفورات الناتجة عن تقليص الدور التشغيلي للدولة إلي برامج الحماية الاجتماعية مثل -تكافل وكرامة. وزيادة الإنفاق علي الصحة والتعليم. فقد ارتفعت مخصصات الدعم النقدي المباشر إلي أكثر من 32 مليار جنيه في 2024. فيما تضاعفت مخصصات الصحة والتعليم خلال العقد الأخير.
وشدّد غنيم علي أن إفساح المجال للقطاع الخاص ليس خيارًا ترفيهيًا بل ضرورة إستراتيجية. فالتجارب العالمية أثبتت أن النمو المستدام يقوم علي شراكة حقيقية بين الدولة والقطاع الخاص. لكن هذه الشراكة يجب أن تكون قائمة علي حوكمة شفافة. بيئة تشريعية مستقرة. وضمانات للمنافسة العادلة. وهو ما تعمل مصر علي ترسيخه في المرحلة الحالية.
أوصي بأن تستمر الدولة في التركيز علي المشروعات الكبري ذات البنية التحتية "مثل الطرق. الموانئ. الطاقة" كقاطرة لجذب الاستثمارات الخاصة. علي أن تترك المجال للقطاع الخاص لقيادة القطاعات الإنتاجية والخدمية. كما دعا إلي تسريع آليات تسوية المنازعات الاستثمارية وتحسين سرعة التقاضي الاقتصادي لتشجيع بيئة الأعمال.
واختتم بأن - السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية - ليست مجرد وثيقة نظرية. بل إطار عملي يُترجم رؤية الرئيس السيسي للجمهورية الجديدة: دولة قوية مؤسسيًا. منفتحة اقتصاديًا. قائمة علي شراكة حقيقية مع القطاع الخاص. ومؤهلة لتحقيق معدلات نمو عالية ومستدامة تُعيد لمصر مكانتها الإقليمية والدولية.

المحرك الرئيسي

يقول د. عطا عيد مدرس التمويل والاستثمار بالجامعة المصرية الصينية إنه في ظل التحولات الاقتصادية العالمية المتسارعة والضغوط الهيكلية التي تواجه الاقتصاد المصري من عجز مالي وارتفاع معدلات البطالة وتراجع تنافسية الصادرات - تأتي "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية" كمحاولة جادة لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص.
أضاف أن هذه السردية تقوم علي مبدأ جوهري حاكم يتمثل في الانتقال من الدولة "المُشغلة" إلي الدولة "المُمكِّنة والمنُظمة والشريكة الإستراتيجية". بهدف تحويل القطاع الخاص إلي المحرك الرئيسي للنمو وخلق فرص العمل.
أوضح أنه إذا كانت الفكرة نظرياً سليمة ومتوافقة مع أدبيات الاقتصاد الحديث خصوصاً في ظل تجارب ناجحة كسنغافورة والإمارات. فإن السؤال الأكاديمي الجوهري يبقي" هل يكفي تغيير السردية والخطاب الرسمي لتحقيق النجاح الاقتصادي؟ أم أن الأمر يتطلب بنية مؤسسية وقانونية وثقافية تُمكّن هذا التحول من أن يصبح واقعاً ملموساً وليس مجرد شعار؟".
لفت إلي أنه من منظور اقتصادي. فإن تدخل الدولة المباشر في الإنتاج عبر الشركات العامة أو الهيئات الاقتصادية غالباً ما يؤدي إلي تشوهات في تخصيص الموارد بسبب غياب آليات السوق التنافسية. وانخفاض الكفاءة والإنتاجية نتيجة غياب أسس الحوافز والمحاسبة. وترتيب عبء مالي مستمر علي الموازنة العامة يتحول مع الوقت إلي "مصيدة ديون" بدل أن يكون أداة للتنمية.
وفي المقابل. الدولة "المُمكِّنة" ترتكز علي تهيئة البيئة التشريعية والتنظيمية. وتوفير البنية التحتية والخدمات العامة. وضمان المنافسة العادلة وحماية حقوق الملكية. والشراكة مع القطاع الخاص في مشاريع إستراتيجية "PPP".
وهذا التوجه ليس جديداً نظرياً لكنه يتطلب إرادة سياسية حقيقية. وقدرة مؤسسية عالية. وشفافية في التنفيذ تأني بسياسات متسقة ومستدامة.

تحديات هيكل ية

ورغماً من وضوح الخطاب الرسمي في هذا الشأن إلا إنه من المؤكد لا تزال هناك تحديات هيكلية محل ارتباط بعملية الانتقال من أهمها كبر حجم مشاركة الدولة في الاقتصاد عبر شركات قطاع الأعمال العام والهيئات الاقتصادية وهذا الوجود الكثيف يخلق منافسة غير عادلة ويُضعف حافز القطاع الخاص للاستثمار. فضلاً عن البيروقراطية وتعقيد الإجراءات فبرغم إطلاق الرخصة الذهبية وخدمة الشباك الواحد والعديد من التسهيلات فلا تزال الإجراءات معقدة والمتطلبات مترهلة والرسوم متضخمة.
والسؤال الحاكم هو. هل يكفي أن تكتفي الحكومة بالدور التنظيمي؟. والإجابة بالطبع "لا ليس في المدي القصير علي الأقل". فالدولة المصرية لا تملك رفاهية "التقاعد الاقتصادي" المفاجئ. في ظل العوامل الإستراتيجية المهمة مثل ضعف رأس المال الخاص المحلي وقصور الاستثمار الأجنبي المباشر وعدم نضج سوق رأس المال وضعف البنية التحتية اللوجستية والرقمية في كثير من المحافظات. فإن الانسحاب المفاجئ للدولة من دورها التشغيلي قد يؤدي إلي فراغ اقتصادي خطير. وليس إلي ازدهار القطاع الخاص.
قال د. عطا إن المطلوب هو "انسحاب إستراتيجي تدريجي". مصحوب بمساندة من جوانب ثلاث. أولها خطة زمنية واضحة لإصلاح وتصفية أو خصخصة الشركات غير المربحة. وثانيها بناء قدرات القطاع الخاص عبر التدريب والتمويل والتكنولوجيا. ثالثها تعزيز الشفافية في إدارة الأصول العامة ونشر تقارير الأداء للشركات الحكومية.
ولا يمكن الحكم علي نجاح السردية إلا عبر مؤشرات رقمية شفافة من أهمها نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي وعدد فرص العمل الجديدة المُنشأة سنوياً ووقت استخراج التراخيص ومؤشر مدركات الفساد "CPI".
وأخيرا فإن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تمثل وثيقة طموح وتعكس إدراكاً حقيقياً لضرورة والتغيير. لكن الطموح لا يكفي ففي الاقتصاد - كما في الطب - "التشخيص الصحيح لا يكفي بل لابد من العلاج الصحيح والجرعة المناسبة والتوقيت الدقيق". إن التحول من الدولة المُشغلة إلي الدولة المُمكِّنة ليس خياراً. بل ضرورة هيكلية. الدولة المصرية أمام فرصة تاريخية لا لتقليص دورها بل لإعادة تعريفه بذكاء. ليس كمراقب من بعيد. بل كشريك إستراتيجي. وحارس للمنافسة. وراعي للعدالة. وضامن للشفافية.

دور الدولة 

يقول الخبير الاقتصادي د. خالد إسماعيل إنه مع إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية. السياسات الداعمة للنمو والتشغيل. نجد أنفسنا أمام محور هام لطالما تم التوصية به وهو أهمية وجود إستراتيجية وبيان دور الدولة في النشاط الاقتصادي وبما يعزز من مكانة القطاع الخاص كأحد الأعمدة الرئيسية للنهوض بالنمو وكافة مؤشرات الاقتصاد.
أضاف أن ما نؤكد عليه هو أهمية القطاع الخاص في أحداث التنمية الاقتصادية وذلك من منطلق أن تحقيق النمو الاقتصادي بالدولة يتوقف علي مدي تنمية القطاع الخاص والقيام بدوره من تحقيق مستوي دخل افضل وتوفير فرص العمل. ومع تنفيذ الدولة لسياسة ملكية الدولة بحيث يتم التركيز علي برنامج الطروحات العامة وتحسين حوكمة أداء الشركات المملوكة للدولة وضمان المنافسة والحياد التنافسي.
أوضح ان السردية تشير إلي التحول من الدور التشغيلي المباشر إلي الدور التنظيمي كشريك  استثماري والعمل علي تعظيم العائد من الأصول العامة هو أمر إيجابي. ووثيقة ملكية الدولة تبين القطاعات التي سوف تستمر الدولة في إداراتها لأسباب إستراتيجية ونحن مع هذا التوجه للحفاظ علي الخدمات المباشرة التي تمس المواطنين.
وبالاطلاع علي السردية نجدها امتداداً لإستراتيجية مصر 2030 وتناول عدداً من الملفات منها استقرار الاقتصاد الكلي. الاستثمار الأجنبي المباشر. التنمية الصناعية والتجارة. والعمل علي توحيد مختلف السياسات والإستراتيجيات. وهو ما يعزز من جهود الإصلاح الاقتصادي وتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري أمام كافة المتغيرات الإقليمية والدولية.
لفت إلي ان التركيز علي القطاعات الاعلي إنتاجية نري أنه بالفعل الملاذ لتحقيق نمو مستدام وشامل. مؤكدا أنه يبقي السؤال حول مسئولية الحكومة حول تنفيذ ما جاء بهذه السردية ببيان الإجراءات والخطوات وذلك بعد طرحها للحوار المجتمعي من الخبراء ومجتمع الأعمال وصولا إلي النسخة النهائية. كذلك التأكيد علي الأخذ بعين الاعتبار مايتم التوصل إليه من توصيات ولنا في الحوار المجتمعي السابق. كذلك الوثيقة الإستراتيجية لمجلس الوزراء 2024-2030 والتي كانت بها مستهدفات بالأرقام. نتطلع إلي هذا الحوار بين الحكومة والأراء الاقتصادية المختلفة وبما يصب في تقديم خارطة طريق واضحة لكل الملفات ولصالح تحقيق تغيير ملموس في مستوي معيشة المواطنين.

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق